للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(٤) اختتام هذه الصلاة بهذين الاسمين من أسماء الرب وهما: الحميد المجيد، والحمد والمجد إليهما يرجع الكمال كله؛ فإن الحمد يستلزم الثناء والمحبة للمحمود فمن أحببته ولم تثن عليه لم تكن حامداً له.

وكذا من أثنيت عليه لغرض ما ولم تحبه لم تكن حامداً له حتى تكون مثنياً ومحباً، وهما تابعان لما عليه المحمود من صفات الكمال ونعوت الجلال والإحسان إلى الغير، والله سبحانه له الكمال المطلق الذي لا نقص فيه بوجه ما، والإحسان كله له ومنه فهو أحق بكل حمد وبكل حب من كل جهة، فهو أهل أن يحب لذاته ولصفاته ولأفعاله ولأسمائه ولإحسانه ولكل ما صدر منه سبحانه، والمجد مستلزم للعظمة والسعة والجلال، والقرآن يقرن بين الحمد والمجد. ولما كانت الصلاة على النبي

صلى الله عليه وسلم وهي ثناء الله عليه، وتكريمه، والتنويه به، ورفع ذكره، وزيادة حبه، وتقريبه كانت مشتملة علىلحمد والمجد، فكأن المصلي طلب من الله تعالى أن يزيد في حمده ومجده، والصلاة عليه هي نوع حمد له وتمجيد فذكر في هذا المطلوب الاسمين المناسبين له. وهذا يفيد أن الداعي يشرع له أن يختم دعاءه باسم من الأسماء الحسنى مناسب لمطلوبه، أو يفتتح دعاءه به (جلاء الأفهام /٢٤٣ - ٢٤٦).

[{الحي}]

المعنى في اللغة:

تقدم الكلام على معنى الحياة (١).

المعنى في الشرع:

الله سبحانه هو الذي له الحياة الدائمة والبقاء الذي لا أول له بحد، ولا آخر له بأمد إذ كان كل ما سواه فإنه وإن كان حياً فلحياته أول محدود، وآخر ممدود ينقطع بانقطاع أمدها وينقضي بانقضاء غايتها (٢). والله سبحانه وتعالى هو الحي الباقي الذي لايجوز عليه الموت ولا الفناء تعالى عن ذلك علواً كبيراً (٣).

وهو سبحانه الحي الذي لم يزل موجوداً وبالحياة موصوفاً، لم تحدث له الحياة بعد موت، ولا يعترضه الموت بعد الحياة وسائر الأحياء يعتورهم الموت في طرفي الحياة معاً (٤).

{كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ} [القصص: ٨٨].

والله سبحانه حي حياة كاملة جامعة لجميع صفات الذات، ومن كمال حياته أنه كامل القدرة نافذ الإرادة والمشيئة (٥).


(١) راجع ص ١٢٥.
(٢) انظر: تفسير ابن جرير (٥/ ٣٨٦، ٣٨٧).
(٣) انظر: اشتقاق أسماء الله للزجاجي (١٠٢)، تفسير أسماء الله للزجاج (٥٦).
(٤) انظر: شأن الدعاء (٨٠)، الأسماء والصفات (١/ ٦٣).
(٥) انظر: الحق الواضح المبين (المجموعة الكاملة (٣/ ٢٢٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>