للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

صفات الله تعالى أوسع من الصبر وصبره سبحانه متعلق بكفر العباد وشركهم ومسبتهم له سبحانه وأنواع معاصيهم وفجورهم فلا يزعجه ذلك كله إلى تعجيل العقوبة بل يصبر على عبده، ويمهله، ويرفق به، ويحلم عنه فإذا لم يبق فيه موضع للصنيعة أخذه أخذ عزيز مقتدر بعد غاية الإعذار إليه، وبذل النصيحة له وهذا من موجبات حلمه سبحانه.

ثم التفاوت بين صبره سبحانه وصبرهم كالتفاوت بين حياتهم وحياته وعلمه وعلمهم وسمعه وأسماعهم. وصبره سبحانه مع كمال علم وقدرة وعظمة وعزة وهو صبر من أعظم مصبور عليه حيث يقابل سبحانه ـ وهو مَنْ إحسانه فوق كل إحسان ـ يقابل بغاية القبح وأعظم الفجور بأمور لا يصبر عليها إلا الصبور الذي لا أحد أصبر منه (عدة الصابرين/٣٢٩ - ٣٣١) (شرح التوحيد ١/ ١٠٢).

المبحث السادس

أحاديث الصفات المبدوءة بحرف الضاد

[{الضحك}]

المعنى في اللغة:

الضحك هو: ظهور الثنايا من الفرح.

والضحك: العجب وبه فسر ابن عباس رضي الله عنهما قوله تعالى في امرأة إبراهيم عليه السلام:

{وَامْرَأَتُهُ قَائِمَةٌ فَضَحِكَتْ} [هود: ٧١] (١).

المعنى في الشرع:

الضحك ثابت لله عز وجل، وهو ضحك حقيقي لكنه لايماثل ضحك المخلوقين فنؤمن أن الله يضحك، ونسكت عن صفة ضحكه جل وعلا؛ لأنه سبحانه استأثر بصفة ضحكه لم يطلعنا على ذلك، فهو ضحك يليق بجلاله وعظمته (٢)، وهو سبحانه يضحك كما يشاء، ويقصد بضحكه أولياءه عندما يعجبه أفعالهم، ويصرفه عن أعدائه فيما يسخطه من أفعالهم فهو يضحك إلى قوم، ويصرفه عن قوم، ولايضحك إلا عن رضاً وليس لنا أن نتوهم كيفيته، أو نسأل عنها والضحك في موضعه المناسب له صفة مدح وكمال، وإذا قُدرِّ حيان أحدهما يضحك مما يُضحك منه والآخر لايضحك قط كان الأول أكمل من الثاني، والضحك مقرون بالإحسان المحمود، فإن


(١) معجم مقاييس اللغة (ضحك) (٣/ ٣٩٣، ٣٩٤)، اللسان (ضحك) (٤/ ٢٥٥٧، ٢٥٥٨).
(٢) انظر: التوحيد لابن خزيمة (٢/ ٥٦٣)، رد الإمام الدارمي على بشر (١٧٤ - ١٨١)، المحاضرات السنية (١/ ٤٤٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>