للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[{الغني}]

المعنى في اللغة:

الغنى: الكفاية، يقال: غني يغنى غنى وغناء: أي كفاية (١).

والغني: هو الذي ليس بمحتاج إلى غيره، وليس في العالم أحد غنياً في الحقيقة لأن بكل منهم حاجة إلى غيره سواء أكان ذا يسار أم معدماً لابد له من الحاجة إلى غيره في معونة أو تصرف أو غير ذلك من أمور الدنيا، وجميع من في العالم محتاج بعضهم إلى بعض.

وليس الغنى بالمال فقط، بل الغنى غنى النفس، وقد يكون الرجل ذا مال مكثر لايتصرف فيه ولا يستغني به ويتصدى لمعروف من هو دونه في اليسار، فيصير هوالفقير وإن كان ذا مال.

المعنى في الشرع:

الغني: هوالذي لايحتاج إلى أحد في شيء فهو المستغني عن الخلق بقدرته قد استغنى عنهم وعن نصرتهم وتأييدهم لملكه فليست به حاجة إلى أحد، وكل أحد محتاج إليه، وهذا هو الغنى المطلق ولا يشارك الله تعالى فيه غيره، والله سبحانه هو الغني في الحقيقة عن جميع الأشياء فليس الغنى على الحقيقة لغير الله (٢)، وقد أغنى عباده عمن سواه، وقد يكون معنى المغني هو الكافي من الغَناء

ـ بفتح المعجمة ـ أي الكفاية (٣).

وهو سبحانه المتمكن من تنفيذ إراداته في مراداته (٤).

وهو سبحانه الغني بذاته الذي له الغنى التام المطلق من جميع الوجوه والاعتبارات؛ لكماله وكمال صفاته فلا يتطرق إليها نقص بوجه من الوجوه ولا يمكن أن يكون إلا عنياً؛ لأن غناه من لوازم ذاته كما لا يكون إلا خالقاً قادراً رازقاً محسناً فلا يحتاج إلى أحد بوجه من الوجوه، وبيده خزائن السموات والأرض، وخزائن الدنيا والآخرة، وجوده على خلقه متواصل في جميع اللحظات والأوقات، ويده سحّاء الليل والنهار، وخيره على الخلق مدرار، ومن كمال غناه سبحانه أنه لم يتخذ صاحبة ولا ولداً، ولم يكن له كفواً أحد، وهو المغني جميع خلقه غنى عاماً فقد جبر مفاقر خلقه وساق إليهم أرزاقهم فأغناهم عما سواه، وأغنى خواص خلقه بما أفاض على قلوبهم من

المعارف الربانية، والحقائق الإيمانية (٥).

والله سبحانه هو الغني المطلق والخلق فقراء محتاجون إليه، وكونه غنياً ذاتي له، ثابت له لذاته لا لأمر أوجبه، والغنى المطلق من كل وجه ثابت له سبحانه، فيستحيل أن يكون الرب إلا غنياً، كما يستحيل أن يكون العبد إلا فقيراً (٦).

قال ابن القيم (٧):


(١) معجم مقاييس اللغة (غنى) (٤/ ٣٩٧، ٣٩٨)، اللسان (غنا) (٦/ ٣٣٠٨).
(٢) انظر: اشتقاق أسماء الله للزجاجي (١١٧ - ١٢٥)، شأن الدعاء (٩٢، ٩٣)، النهاية (غنى) (٣/ ٣٩٠).
(٣) انظر: تفسير أسماء الله للزجا ج (٦٣)، شأن الدعاء (٩٣).
(٤) الاعتقاد للبيهقي (٣٨).
(٥) انظر: الأسماء والصفات (١/ ٢١٦)، تيسير الكريم الرحمن (٥/ ٤٩٠، ٤٩١)، الحق الواضح المبين (المجموعة الكاملة ... ٣/ ٢٣٦)، توضيح الكافية الشافية (٣/ ٣٨٠).
(٦) انظر: طريق الهجرتين (٧، ٨).
(٧) النونية (٢/ ٢١٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>