للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[{السامع ومعه السميع}]

المعنى في اللغة:

السمع: إيناس الشيء بالأذن من الناس وكل ذي أذن، تقول: سمعت الشيء سمعاً (١).

والسمع حس الأذن ومنه قوله تعالى: {أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ (٣٧)} [ق: ٣٧]

والسمع أيضاً: المصدر، والإسماع: القبول والعمل بما يسمع؛ لأن من لم يقبل ولم يعمل فهو بمنزلة من لم يسمع، وتسمّع: أصغى، وتأتى سمع بمعنى أجاب ومنه قوله: سمع الله لمن حمده أي أجاب حمده وتقبله؛ لأن غرض السائل الإجابة والقبول، ومنه: جوف الليل أسمع أي: أوفق لاستماع الدعاء فيه، وأولى بالاستجابة، والظاهر الأكثر من كلام العرب أن السميع بمعنى السامع (٢).

وفعل السمع يطلق على أربعة معان: سمع إدراك ومتعلقه الأصوات، وسمع فهم وعقل ومتعلقه المعاني، وسمع إجابة وإعطاء ما سئل، وسمع قبول وانقياد (٣).

المعنى في الشرع:

الله سبحانه سميع لما تنطق به خلقه من قول، ولايعزب عنه إدراك مسموع وإن خفي، قد وسع سمعه كل شيء، وهو سبحانه سميع ذوسمع بلا تكييف ولاتشبيه بالسمع من خلقه، ولاسمعه كسمع خلقه (٤)، وهو سبحانه يسمع السر والنجوى سواء عنده الجهر والخفوت والنطق والسكوت، كما أنه سبحانه يقبل قول حامده، ويجيب دعاء مَنْ يدعوه (٥).

والمخلوق يكون صغيراً لايسمع، فإن سمع لم يعقل ما يسمع، فإذا عقل ميّز بين المسموعات فأجاب عن الألفاظ بما يستحق، وميَّز بين الصوت الحسن والقبيح، وميَّز الكلام المستحسن من المستقبح، ثم كان لسمعه مدى إذا جاوزه لم يسمع، وإن كلَّمه جماعة في وقت واحد عجز عن استماع كلامهم وعن إدراك جوابهم، والله عز وجل هو السميع لدعاء الخلق وألفاظهم عند تفرقهم واجتماعهم مع اختلاف ألسنتهم ولغاتهم، بل يعلم مافي قلب القائل قبل أن يقول، وقد يعجز القائل عن التعبير عن مراده فيعلم الله فيعطيه الذي في قلبه، ثم إن المخلوق يزول عنه السمع بالموت والله تعالى لم يزل ولا يزال يفني الخلق، ويرثهم فإذا لم يبق أحد قال: لمن الملك اليوم؟ فلا يكون من يرد، فيقول: لله الواحد القهار (٦).


(١) معجم مقاييس اللغة (سمع) (٣/ ١٠٢).
(٢) اللسان (سمع) (٤/ ٢٠٩٥، ٢٠٩٦)، اشتقاق أسماء الله للزجاجي (٧٥، ٧٦)، تفسير أسماء الله للزجاج (٤٢).
(٣) انظر: بدائع الفوائد (٢/ ٧٥، ٧٦).
(٤) انظر: جامع البيان (٢٥/ ٩)، النهاية (سمع) (٢/ ٤٠١).
(٥) انظر: شأن الدعاء (٥٩، ٦٠).
(٦) انظر: الحجة في بيان المحجة (١/ ١٢٦، ١٢٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>