للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(٥) قد يسوق المصنف حديثاً ضعيفاً يعلم ضعفه؛ لوجود ما يشهد له من الآيات مع بيان ذلك كما صنع الذهبي في (العلو) حيث أورد حديثا ثم قال: " وهذا الحديث إنما سقناه لما فيه مما تواتر من علو الله تعالى فوق عرشه مما يوافق آيات الكتاب " (١).

(٦) أن يكون عذر المصنف أنه يبين حال الحديث الضعيف: كما صنع الذهبي في (العلو) فقد نص على أن الأحاديث الواردة في صفة العلو نؤمن بما صح منها، وبما اتفق السلف على إمراره وإقراره فأما ما في إسناده مقال، واختلف العلماء في قبوله وتأويله فإننا لانتعرض له بتقرير بل نرويه في الجملة ونبين حاله (٢).

(٧) اعتُذر لابن خزيمة في إيراده أحاديث من طرق ضعيفة جداً مع التزامه تجنب ذلك بأنه ربما لم يطلع على حال رواتها، أو أن له رأيا مخالفاً لمن قال بجرحهم، أو ترجحت لديه فيما بعد عدالتهم، فاحتج بهم في الكتاب، أو لمذهبه رحمه الله تعالى في أن جهالة حال الراوي لاتضر فروايته عن بعض المجاهيل بناءً على هذا الأصل (٣).

(٨) أن في إيراد الأحاديث الضعيفة ـ ضعفاً يسيراً ـ فائدة هي ارتقاء الحديث عن درجته إذا وجد ما يؤيده ويشهد له (٤).

[(و) العناية بمتون الأحاديث والآثار]

كما اختلف المصنفون في عنايتهم بأسانيد النصوص، فقد تفاوتوا في عنايتهم بمتونها: فقد اكتفى بعضهم بسرد المتون دون تعقيب عليها بينما عني آخرون بالتعليق على المتون،

وتتلخص عنايتهم بذلك فيما يلي:

(١) بيان دلالة النصوص على الصفات: وهذا كثير في كتاب (التوحيد) لابن خزيمة (٥).

(٢) بيان العقيدة الصحيحة التي سار عليها السلف الصالح في الصفة الواردة في النص، والرد على المخالفين لعقيدتهم: وقد عني الآجري في (الشريعة) ببيان عقيدته الموافقة لعقيدة السلف، كما اعتنى بذلك ابن بطة في (الرد على الجهمية) من الإبانة (٦). وكان الذهبي ممن عني بالتعليق على المتون وأجاد في ذلك غاية الإجادة فحرر الكلام على الأخبار، واستوفى ما قيل فيها، ورد على المخالفين لعقيدة السلف في كتابه (الأربعين في صفات رب العالمين).

(٣) دفع ما ظاهره التعارض بين الأحاديث الواردة في الباب، وقد كان ابن خزيمة فارس هذا الميدان وتجلى ذلك في كتابه (التوحيد)، كما اعتنى بذلك ابن قتيبة في (تأويل مختلف الحديث) (٧).

(٤) بيان ضلال المبتدعة بتحريفهم للنص، وفهمهم له على غير الوجه الصحيح، وتفنيد شبهتهم: وقد عني بذلك الدارمي في (الرد على بشر المريسي العنيد)، وقد عقده أصلا للرد على المبتدعة وعلى رأسهم بشر ومن وافقه، فحرص على التعليق على النصوص بما يحقق ذلك الغرض، وكذا أبو يعلى في (إبطال التأويلات).


(١) العلو (٤٥).
(٢) المصدر السابق.
(٣) التوحيد: لابن خزيمة (مقدمة المحقق ١/ ٦٧).
(٤) العظمة: مقدمة المحقق (١/ ١٣٣).
(٥) انظر: التوحيد (١/ ٢٢، ٢٦، ٣٠، ٥١، ١٠٩، ١١٠، ١٩٧، ٤٥٤، ٥١١).
(٦) اتظر الشريعة (٢٨٤، ٢٩٨)، الرد على الجهمية (١/ ٢٧٥).
(٧) انظر: التوحيد (١/ ١٨٥، ١٨٦، ٢٥٠)، تأويل مختلف الحديث (١٩١ - ١٩٥، ٢٠١ - ٢٠٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>