للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[{الأول والآخر}]

المعنى في اللغة:

الأول: هو مبتدأ الشيء.

الآخر: هو نقيض المتقدم (١).

المعنى في الشرع:

جاء تفسيرهما في الحديث الآتي قريباً {أنت الأول فليس قبلك شيء، وأنت الآخر فليس بعدك شيء}.

فالله هو الأول: أي المتقدم للحوادث بأوقات لانهابة لها، فالأشياء كلها وجدت بعده وقد سبقها كلها.

وهو الآخر: لأنه المتأخر عن الأشياء كلها ويبقى بعدها (٢). أو لأنه هو الباقي بعد فناء خلقه كله صامته وناطقه (٣)، وهو سبحانه الآخر الذي لايزال آخراً دائماً باقياً والوارث لكل شيء بديمومته وبقائه (٤).

قال ابن جرير (٥): " هو الأول قبل كل شيء بغير حد ... والآخر بعد كل شيء بغير نهاية، وإنما قيل ذلك كذلك لأنه كان ولاشيء موجود سواه، وهو كائن بعد فناء الأشياء كلها كما قال جل ثناؤه:

{كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ} [القصص: ٨٨].

قال الخطابي (٦): " هو السابق للأشياء كلها الكائن الذي لم يزل قبل وجود الخلق، فاستحق الأوليه إذ كان موجوداً ولاشيء قبله ولا معه ... وهو الباقي بعد فناء الخلق وليس معنى الآخر ماله الانتهاء، كما ليس معنى الأول ماله الابتداء فهو الأول والآخر وليس لكونه أول ولا آخر ". ويدور

الاسمان الأول والآخر على الإحاطة الزمانية فهو سبحانه أول كل شيء وآخره، كما أنه سبحانه رب كل شيء وخالقه وبارئه فهو إلهه وغايته التي لاصلاح له ولافلاح ولاكمال إلا بأن يكون سبحانه غايته ونهاية مقصوده (٧).

وقد جمع ابن القيم الأسماء الأربعة الواردة في الحديث فقال (٨):

هو أول هو آخر هو ظاهر ... هو باطن هي أربع بوَزَان

ما قبله شيء كذا ما بعده ... شيء تعالى الله ذو السلطان

ما فوقه شيء كذا ما دونه ... شيء وذا تفسير ذي البرهان


(١) معجم مقاييس اللغة (أول) (١/ ١٥٨)، (أخر) (١/ ٧٠).
(٢) تفسير أسماء الله للزجاج (٦٠)، وانظر: اشتقاق أسماء الله للزجاجي (٢٠٤).
(٣) اللسان (أخَّر) (١/ ٣٨)، وانظر: شرح الطحاوية بتحقيق الألباني (١١١ - ١١٣).
(٤) انظر: التوحيد لابن منده (٢/ ٨٢).
(٥) في تفسيره جامع البيان (٢٧/ ١٢٤).
(٦) شأن الدعاء (٨٧، ٨٨).
(٧) انظر: طريق الهجرتين لابن القيم (٢٤، ٣٠) وقد عقد فيه فصلاً طويلاً جيداً في أثر الإيمان بهذه الأسماء الأربعة
(٢٢ - ٣٤)
(٨) النونية (٢/ ٢١٣، ٢١٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>