للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[{السلام}]

المعنى في اللغة:

السلامة: الصحة والعافية، وأن يسلم الإنسان من العاهة والأذى (١)، والتسليم: مشتق من السلام اسم الله تعالى؛ لسلامته من العيب والنقص، وقول السلام عليكم معناه: إن الله مطلع عليكم فلا تغفلوا، وقيل: معناه اسم السلام عليك؛ إذ كان اسم الله تعالى يذكر على الأعمال توقعاً لاجتماع معاني الخيرات فيه، وانتفاء عوارض الفساد عنه، فهو دعاء للإنسان أن يسلم من الآفات في دينه ونفسه.

السلام في الأصل السلامة ومنه أن الجنة دار السلام؛ لأن الصائر إليها يسلم من الموت والأوصاب والأحزان، ويقال: أسلم: أي استسلم لأمر الله وانقاد له، وأخَلَص العبادة له من قولهم سلَّم الشيء لفلان أي خلص له (٢).

المعنى في الشرع:

الله هو السلام حيث إن ذاته خلصت بانفراد الوحدانية من كل شيء، وبانت عن كل شيء، وأخلصت به القلوب إلى توحيد الله عز وجل وسلمت (٣).

والسلام هو السالم من جميع العيوب والنقائص بكماله في ذاته وصفاته وأفعاله (٤) فهو السلام؛ لسلامته مما يلحق المخلوقين من العيب والنقص والفناء، وهو الباقي الدائم الذي تفني الخلق ولايفنى وهو علىكل شيء قدير، وهو الذي سَلم من عذابه من لايستحقه، وسلم خلقه من ظلمه (٥).

فاسم السلام ينفي كل نقص من جميع الوجوه، ويتضمن الكمال المطلق من جميع الوجوه لأن النقص إذا انتفى ثبت الكمال كله (٦) والله سبحانه هو أولى وأحق باسم السلام من كل مسمى به؛ لسلامته سبحانه من كل عيب ونقص من كل وجه فهو السلام الحق بكل اعتبار والمخلوق سلام بالإضافة، والله سبحانه سلام في ذاته وصفاته وأفعاله من كل عيب ونقص يتحيله وهم، واستحقاقه لهذا الاسم أكمل من استحقاق كل ما يطلق عليه وهذا هو حقيقة التنزيه الذي نزه به نفسه، ونزهه به رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو السلام من الصاحبة والولد، ومن النظير والكفء والسمي والمماثل، ومن الشريك، وإذا نظرت إلى أفراد صفات كماله وجدت كل صفة سلاماً مما يضاد كمالها، فحياته سلام من الموت ومن السنة والنوم، وكذلك قيوميته وقدرته سلام من التعب واللغوب، وعلمه سلام من عزوب شيء عنه أو عروض نسيان أو حاجة إلى تذكر وتفكر، وإرادته سلام من خروجها عن الحكمة والمصلحة، وكلماته سلام من الكذب والظلم، وغناه سلام من الحاجة إلى غيره بوجه ما، وعذابه وانتقامه سلام من أن يكون ظلماً أو غلظة أو تشفياً أو قسوة وهكذا سائر صفاته سبحانه وأفعاله (٧).


(١) معجم مقاييس اللغة (سلم) (٣/ ٩٠)، اشتقاق أسماء الله للزجاجي (٢١٥).
(٢) اللسان (سلم) (٤/ ٢٠٧٧ - ٢٠٨٠)، شأن الدعاء (٤١ - ٤٥).
(٣) انظر: التوحيد لابن منده (٢/ ٦٨).
(٤) تفسير ابن كثير (٨/ ١٠٥).
(٥) انظر: تفسير أسماء الله للزجاج (٣١)، جامع البيان (٢٨/ ٣٦)، النهاية (سلم) (٢/ ٣٩٢).
(٦) انظر: تيسير الكريم الرحمن (٥/ ٤٨٧).
(٧) انظر: بدائع الفوائد (٢/ ١٣٥ - ١٣٧) وهو مبحث نفيس قيم وقد ختمه بقوله: " وكم ممن حفظ هذا الاسم لايدري ما تضمنه من هذه الأسرار والمعاني ".

<<  <  ج: ص:  >  >>