للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الأحاديث الواردة في اسم {الإله}

[{الإله، الله}]

المعنى في اللغة:

اختلف العلماء هل اسم الله مشتق أم لا؟ فذهب بعضهم إلى أنه اسم علم ليس بمشتق فلا يجوز حذف الألف واللام منه كما يجوز في الرحمن والرحيم. وقال آخرون هو مشتق وأصله الإله وهو فعال بمعنى مفعول فهو المألوه المعبود، من أله، يأله، يقال: تأله الرجل إذا تعبد (١). وقيل: أصل إله ولاه أي مولوه إليه فقلبت الواو همزة، وقيل: أصله من وَلِه إذا تحير وهذا القول ضعيف.

وكل ما اتُخذ من دون الله معبوداً فهو إله عند متخذه، والجمع آلهة، سُمّوا بذلك؛ لاعتقاد عابديهم أن العبادة تحق لهم، والأسماء تتبع اعتقاداتهم لاما عليه الشيء في نفسه (٢).

وأصل العبادة الخضوع والتذلل من قولهم: طريق معبد إذا كان موطوءاً مذللاً لكثرة السير فيه، ومنه اشتقاق العبد لخضوعة وذلته لمولاه، ويقال عَبَد الله إذا خضع له وذل موجباً ذلك على نفسه، ومقراً بأن مخالفة ذلك لاتسعه ديانة وإلا لم يكن عبداً حقيقة (٣).

المعنى في الشرع:

قال ابن عباس رضي الله عنهما: الله ذو الألوهية والعبودية على خلقه أجمعين، وهو الذي يألهه كل شيء ويعبده كل خلق (٤). والله هو المستحق للعبادة دون سواه، فإن المستحق أن يكون إلهاً هو المعبود وهو الذي يكون لعابده خالقاً ورازقاً ومدبراً وعليه مقتدراً ومن لم يكن كذلك فليس بإله وإن عُبد ظلماً.

والله سبحانه هو الذي يَوْله إليه الخلق في حوائجهم ويضرعون إليه فيما يصيبهم، ويفزعون إليه في كل ما ينوبهم.

واسم الله تفرد به سبحانه لايشركه فيه غيره ولايدّعيه أحد فإذا قيل: الإله انطلق على الله سبحانه وعلى ما يعبد من الأصنام، وإذا قيل: الله لم ينطلق إلا عليه سبحانه.

ويختص اسم الله بأنه يجوز أن ينادى وفيه لام التعريف فيقال: يا الله (٥). واسم الله دال على جميع الأسماء الحسنى والصفات العليا فإنه دال على إلهيته المتضمنة لثبوت صفات الإلهية له مع نفي أضدادها عنه، وصفاته هي صفات الكمال المنزهة عن التشبيه والمثال، وعن العيوب والنقائص، وهو سبحانه المألوه المعبود تألهه الخلائق محبة وتعظيماً وخضوعاً وفزعاً إليه في الحوائج والنوائب، وذلك مستلزم لكمال ربوبيته ورحمته المتضمنين لكمال الملك والحمد، وهذه مستلزمة لجميع صفات كماله إذ يستحيل ثبوت الإلهية والرحمة والملك لمن ليس بحي ولاسميع ولابصير ولا قادر ولا فعال لما يريد ولاحكيم في أفعاله (٦). وذكر ابن تيمية أن الإله هو المعبود المطاع، فهو الذي يستحق أن يعبد (٧). ولذا قال بعضهم: إن اسم الله الأعظم هو الله (٨)


(١) معجم مقاييس اللغة (أله) (١/ ١٢٧)، الحجة في بيان المحجة (١/ ١٢٣ - ١٢٥)، وانظر: بدائع الفوائد (١/ ٢٢، ٢٣) وفيه رده على من قال: اسم الله غير مشتق.
(٢) لسان العرب (أله) (١/ ١١٤ - ١١٦).
(٣) اشتقاق أسماء الله للزجاجي (٢٣ - ٣٢).
(٤) تفسير ابن جرير (١/ ١٢٢، ١٢٣).
(٥) انظر: لسان العرب، اشتقاق أسماء الله للزجاجي الصفحات المذكورة قريباً.
(٦) انظر: مدارج السالكين (١/ ٣٢، ٣٣)، بدائع التفسير (١/ ١٣٩)، شرح أسماء الله الحسنى (٤٢، ٤٣).
(٧) انظر: محموع الفتاوى (٣/ ١٠١، ١٠/ ٢٨٤)، تيسير العزيز الحميد (٥٤ - ٦١) وفيه الأقوال في معنى الإله.
(٨) وممن اختاره الطحاوي، والرازي، وابن القيم. انظر: مشكل الآثار (١/ ٦١ - ٦٤)، النهج الأسمى (١/ ٥٨ - ٦٠) ونقل فيه كلام الرازي في حجج من اختار هذا القول.

<<  <  ج: ص:  >  >>