من جَرَّاي: بفتح الجيم وتشديد الراء وبالمد والقصر ـ لغتان ـ معناه من أجلي (شرح النووي ٢/ ١٤٨) يعني: من أجلي وفيه لغتان: جراء، جَرّى (المعلم ١/ ٢٠٩) وجاء في حديث البخاري من أجلي.
الفوائد:
(١) فيه تعظيم الحسنة، وتأكيد أمرها حيث وصفها في بعض الروايات بقوله:{كاملة} عكس السيئة حيث قال: {واحدة} إشارة إلى تخفيفها فضلاً وإحساناً، وأن تضعيف حسنة العمل إلى عشرة مجزوم به وما زاد عليها جائز وقوعه بحسب الزيادة في الإخلاص وصدق العزم وحضور القلب وتعدي النفع: كالصدقة الجارية والعلم النافع والسنة الحسنة ونحو ذلك (الفتح ١١/ ٣٢٥، ٣٢٦).
(٢) إثبات الكلام لله تعالى لإسناد القول فيه إلى الله واصفاً له بذلك وهذا القول من شرعه الذي فيه وعده لعباده وتفضله عليهم وهو غير القرآن وليس مخلوقاً فقوله غير خلقه (شرح التوحيد ٢/ ٣٨٠).
(٣) أن الملك يعلم ما يهم به العبد من حسنة أو سيئة وليس ذلك من علمهم بالغيب الذي اختص الله به وقد روي عن ابن عيينة أنهم يشمون رائحة طيبة فيعلمون أنه هم بحسنة ويشمون رائحة خبيثة فيعلمون أنه هم بسيئة وهم وإن شموا رائحة طيبة وخبيثة فعلمهم يفتقر إلى ذلك بل ما في قلب ابن آدم بل يعلمونه بل ويبصرونه، ويسمعون وسوسة نفسه وقرب الملائكة والشيطان من قلب مما تواترت به الآثار سواء كان العبد مؤمنا أو كافراً (شرح حديث النزول/ ٣٧٤، ٣٧٥).
(٤) أن من هم بحسنة فلم يعملها كان قد أتى بحسنة وهي الهم بالحسنة فتكتب له حسنة كاملة؛ فإن ذلك طاعة وخير وكذلك هو في عرف الناس، فإن عملها كتبها الله له عشر حسنات لما مضى من رحمته {من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف} وأما الهام بالسيئة الذي لم يعملها وهو قادر عليها فإن الله لايكتبها عليه سواء سمى همه إرادة أو عزماً، أو لم يسمِّ متى كان قادراً على الفعل وهم به وعزم عليه ولم يفعله مع القدرة فليست إرادته جازمة.
(٥) أن الهام بالسيئة إما أن يتركها لخشية الله وخوفه، أو يتركها لغير ذلك: فإن تركها لخشية الله كتبها الله له عنده حسنة كاملة كما في الحديث، وإن تركها لغير ذلك لم تكتب عليه سيئة، وإن عملها كتبت عليه سيئة واحدة فإن الله تعالى لا يضعف السيئات بغير عمل صاحبها، ولا يجزى الإنسان في الآخرة إلا بما عملت نفسه (مجموع الفتاوى ١٠/ ٧٣٥ - ٧٣٨) وانظر: (أعلام الحديث للخطابي ٣/ ٢٢٥٢)(شرح الكرماني ٢٥/ ١٩١).