للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وهو سبحانه الذي قام بنفسه، وعظمت صفاته، واستغنى عن جميع مخلوقاته، وقامت به السموات والأرض وما فيهما من المخلوقات، فقد أوجدها وأمدها وأعدها لكل ما فيه بقاؤها

وصلاحها وقيامها (١).

والقيوم يدل على معنى الأزلية والأبدية ما لا يدل عليه القديم، ويدل أيضاً على كونه سبحانه موجوداً بنفسه، وهو معنى كونه واجب الوجود، والقيوم أبلغ من القيام، والقيوم يفيد قيامه بنفسه وإقامته لغيره، ودوام قيامه، وكمال قيامه، فهو سبحانه لا يأفل ولا يزول، ولا يغيب بل هو الدائم الباقي الذي لم يزل ولا يزال موصوفاً بصفات الكمال، كما يتضمن كمال غناه وقدرته فإن القائم بنفسه لا يحتاج إلى غيره، وهو مقيم لغيره فلا إقامة لغيره إلا بإقامته سبحانه (٢).

قال ابن القيم (٣):

هذا ومن أوصافه القيوم والـ ... قيوم في أوصافه أمران

إحداهما القيوم قام بنفسه ... والكون قام به هما الأمران

فالأول استغناؤه عن غيره ... والفقر من كلٍ إليه الثاني

والوصف بالقيوم ذو شأن عظيم ... هكذا موصوفه أيضاً عظيم الشأن

والحي يتلوه فأوصاف الكمـ ... ال هما لأفق سمائها قطبان

فالحي والقيوم لن تتخلف الـ ... أوصاف أصلاً عنهما ببيان

وقد ربط القرآن اسمي الحي والقيوم؛ لارتباطهما ففيهما إثبات الكمال الذاتي في الحي والسلطاني في القيوم (٤).

ورودهما في القرآن:

جاء القيوم في ثلاث آيات مقترناً بالحي في قوله تعالى:

{اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ} [البقرة: ٢٥٥].

{اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ (٢)} [آل عمران: ٢].

{وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ وَقَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْمًا (١١١)} [طه: ١١١].


(١) انظر: الحق الواضح المبين (المجموعة الكاملة ٣/ ٢٥٨).
(٢) انظر: شرح الطحاوية (١/ ٩١، ٩٢).
(٣) النونية (٢/ ٢٣٦).
(٤) انظر: المحاضرات السنية في شرح الواسطية (١/ ١٣٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>