رجال الإسناد كلهم ثقات سوى محمد بن إسحاق وهو صدوق يدلس وقد عنعن، وجبير بن محمد مقبول ولم يتابع فهو لين، ومدار الطرق عليهما. فالحديث ضعيف.
وتصحيح أبي داود رواية أحمد بن سعيد بقوله:" والحديث بإسناد أحمد بن سعيد هو الصحيح، وافقه عليه جماعة منهم يحيى بن معين وعلي بن المديني ورواه جماعة عن ابن إسحاق كما قال أحمد أيضا، وكان سماع عبد الأعلى وابن المثنى وابن بشار من نسخة واحدة فيما بلغني ". فقد اراد بالنسبة إلى رواية الآخرين الذين جعلوه من رواية يعقوب وجبير عن محمد بن جبير، وقد شارك أحمد بن سعيد في روايته من طريق يعقوب عن جبير: ابن معين وعلي بن المديني وعبد الأعلى في بعض الطرق وأبو الأزهر ومحمد بن يزيد الواسطي فترجحت روايتهم على رواية محمد بن المثنى ومحمد بن بشار، ثم إن محمد بن المثنى ومحمد بن بشار قد جاءت عنهما رواية من طرق موافقة لرواية الجماعة. وقد قال الدارقطني في (الصفات /٥٣) من قال فيه عن يعقوب وجبير فقد وهم والصواب عن جبير.
وقد ضعف الحديث جماعة من الأئمة:
(١) البزار: نقل المنذري قوله: " وهذا الحديث لا نعلمه يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم من وجه من الوجوه إلا من هذا الوجه، ولم يقل فيه محمد بن إسحاق حدثنى يعقوب بن عتبة ".
(٢) المنذري حيث قال: ومحمد بن إسحاق مدلس، وإذا قال المدلس: عن فلان ولم يقل حدثنا أو سمعت أو أخبرنا لا يحتج بحديثه، والى هذا أشار البزار مع أن ابن إسحاق إذا صرح بالسماع اختلف الحفاظ في الاحتجاج بحديثه فكيف إذا لم يصرح به، وقد رواه يحيى بن معين وغيره فلم يذكروا فيه لفظة (به). (مختصر د ٧/ ٩٧ - ٩٩)
(٣) أبو القاسم الدمشقي: ونقل المنذري في (٧/ ٩٩ - ١٠١) قوله: تفرد به يعقوب عن جبير وليس لهما في الصحيحين رواية، وانفرد به محمد بن إسحاق عن يعقوب، وابن إسحاق لا يحتج بحديثه وقد طعن فيه غير واحد من الأئمة وكذبه جماعة منهم. وقال ابن كثير في (البداية والنهاية ١/ ١١) صنف الحافظ أبو القاسم بن عساكر جزءاً في الرد على هذا الحديث سماه (بيان الوهم والتخليط الواقع في حديث الأطيط) واستفرغ وسعه في الطعن على محمد بن إسحاق، وذكر كلام الناس فيه.
(٤) الذهبي: بعد أن روى الحديث في (العلو /٤٤، ٤٥) قال: " هذا حديث غريب جدًا فرد، وابن إسحاق حجة في المغازي إذا أسند، وله مناكير وعجائب فالله أعلم أقال النبي صلى الله عليه وسلم هذا أم لا؟ . والله عز وجل فليس كمثله شيء جل جلاله وتقدست أسماؤه ولا إله غيره، والأطيط الواقع بذات العرش من جنس الأطيط الحاصل في الرحل، فذاك صفة للرحل وللعرش، ومعاذ الله أن نعده صفة لله عز وجل، ثم لفظ: الأطيط لم يأت به نص ثابت ... وهذا الحديث إنما سقناه لما فيه مما تواتر من علو الله تعالى فوق عرشه مما يوافق آيات الكتاب ".
(٥) البيهقي: قال في (الأسماء والصفات ٢/ ٣١٩، ٣٢٠): ذا حديث ينفرد به محمد بن إسحاق بن يسار عن يعقوب بن عتبة، وصاحبا الصحيح لم يحتجا به، إنما استشهد به مسلم في أحاديث معدودة أظنهن خمسة قد رواهن غيره، وذكره البخاري في الشواهد من غير رواية، وذكر قول مالك