للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والله سبحانه متكلم لم يزل ولا يزال بالكلام موصوفاً، فيتكلم بما أراد كيف أراد وحيث أراد قال تعالى: {وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا} [الأنعام: ١١٥] (١)، ولا يمكن أن تنفى عنه صفة الكلام لأنها من أعظم صفات الكمال، وكلامه تعالى من صفاته الذاتية الفعلية وهو غير مخلوق كسائر صفات أفعاله، وكلماته سبحانه كلها عدل وصدق: عدل في الأوامر، والنواهي، وصدق في الأخبار، والقرآن العظيم من أجلِّ كلامه وأشرفه وأعلاه، وكذلك الكتب التي أنزلها على رسله (٢).

وكلامه سبحانه نوعان:

نوع بلا واسطة كماكلم موسى، وآدم، وحواء عليهم السلام ومحمداً صلى الله عليه وسلم ليلة المعراج، ويكلم عباده في الآخرة وفي الجنة، ونوع بواسطة أنبيائه ورسله (٣).

واعتقاد السلف أن الله عز وجل لم يزل متكلما إذا شاء، والكلام صفة كمال ومن يتكلم أكمل ممن لا يتكلم كما أن من يعلم أكمل ممن لايعلم، وهو سبحانه يتكلم بصوت وحرف، وهو ليس كمثله شيء في ذاته ولا في صفاته ولا في أفعاله والصوت الذي ينادي به عباده يوم القيامة

والصوت الذي سمعه موسى عليه السلام ليس كأصوات شيء من المخلوقات، وكلامه سبحانه غير مخلوق؛ لأن الصفة تتبع الموصوف فإذا كان الموصوف وهو الخالق فصفاته غير مخلوقة. وكلامه لايماثل كلام المخلوقين (٤) وقد سمى الله عيسى عليه السلام كلمة الله؛ لأنه مفعول بالكلمة، وكائن بالكلمة، وليس هو نفسه كلمة الله لكنه خلق بالكلمة على خلاف سنة المخلوقين فخرقت فيه العادة فقد قال له: كن فكان (٥).

قال ابن القيم (٦):

وهو المكلم عبده موسى بتكـ ... ـليم الخطاب وقبله الأبوان

كلماته جلت عن الإحصاء والتـ ... ـعداد بل عن حصر ذي الحسبان

لو أن أشجار البلاد جميعها الـ ... أقلام تكتبها بكل بنان

والبحر تلقى فيه سبعة أبحر ... لكتابة الكلمات كل زمان

نفدت ولم تنفد بها كلماته ... ليس الكلام من الإله بفان

وروده في القرآن:

جاء بلفظ: كلام الله في ثلاثة مواضع، وجاء قوله بكلامي في موضع واحد ومن الأول قوله تعالى:


(١) الرد على الجهمية للإمام أحمد (٣١). الحجة في بيان المحجة (١/ ٢١١)،
(٢) الحق الواضح المبين (المجموعة الكاملة ٣/ ٢٣٣).
(٣) توضيح الكافية الشافية (٣/ ٣٧٩).
(٤) انظر: مجموع الفتاوى (١٢/ ٥٢، ٦٥، ٦٦، ٨٦ - ١٠٠، ٣٥٥).
(٥) انظر: المصدر السابق (٦/ ١٨).
(٦) النونية (٢/ ٢١٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>