رفعه قال:{سأل موسى ربه: ما أدنى أهل الجنة منزلة؟ قال: هو رجل يجئ بعدما أُدخل أهل الجنة الجنة فيقال له: ادخل الجنة. فيقول: أي رب كيف وقد نزل الناس منازلهم، وأخذوا أَخَذَاتهم؟ فيقال له: أترضى أن يكون لك مثل مُلْك مَلك من ملوك الدنيا؟ فيقول: رضيت ربِّ، فيقول: لك ذلك ومثله ومثله ومثله ومثله، فقال في الخامسة: رضيت ربِّ، فيقول: هذا لك وعشرة أمثاله، ولك ما اشتهت نفسك، ولذَّت عينك، فيقول: رضيت ربِّ. قال: ربِّ فأعلاهم منزلة؟ قال: أولئك الذين أردتُ غرست كرامتهم بيدي، وختمت عليها فلم تر عين، ولم تسمع أذن، ولم يخطر على قلب بشر، قال: ومصداقه في كتاب الله عز وجل: {فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين}(١) رواه مسلم، والترمذي بنحوه مقتصراً على الشطر الأول.
التخريج:
م: كتاب الإيمان: باب إثبات الشفاعة، وإخراج الموحدين من النار (٣/ ٤٥، ٤٦).
ت: كتاب تفسير القرآن: باب ومن سورة السجدة (٥/ ٣٤٧) وقال: " حسن صحيح، وروى بعضهم هذا الحديث عن الشعبي عن المغيرة ولم يرفعه، والمرفوع أصح ".
شرح غريبه:
أَخَذاتهم: بفتح الهمزة والخاء، واحدتها: إِخْذة بكسر الألف وهو اسم الشيء المأخوذ (العارضة ١٢/ ٧٨). والمعنى: سلكوا طرقهم إلى درجاتهم، وحلوا محالَّهم، أو حصلوا كرامة ربهم، وحازوا
ما أعطوا منها (المشارق ١/ ٢١) أو صاروا إلى منازلهم في الجنة (شرح الأبي ١/ ٣٥٠).
أردت: اخترتهم واصطفيتهم فلا يتطرق إلى كرامتهم تغيير (شرح النووي ٣/ ٤٦).
الفوائد:
(١) أن الله سبحانه اتخذ من الجنان داراً اصطفاها لنفسه، وخصها بالقرب من عرشه، وغرسها بيده فهي سيدة الجنان والله سبحانه يختار من كل نوع أفضله وأعلاه.
(٢) عناية الله سبحانه حيث جعل هذه الجنة التي غرسها بيده لمن خلقه بيده، ولأفضل ذريته اعتناء وتشريفاُ وإظهاراُ لفضل ما خلقه بيده وشرَّفه وميزه بذلك عن غيره (حادي الأرواح /٧٣، ٧٥).
(٣) فيه تنبيه إلى أنها ليست كجنات الدنيا المخلوقة عن وسائط من غرس أو غيره، وإنما أنشأها بقوله: كن وأضافها إلى نفسه تشريفاً لنفي الوسائط (شرح الأبي ١/ ٣٥٠، ٣٥١).
(٤) أن الجنة مثل الدنيا في الأسماء لا في المعاني؛ فلذَّات الجنة ملتذ بها منها وفيها، والجنة لاتفنى ولاتستحيل ولا تتقذر إلى غير ذلك من وجوه النقص الموجودة في الدنيا (العارضة ١٢/ ٧٨).