للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وأتم، فالعلو مقارن للظهور وكلما كان الشيء أعلى كان أظهر، ولذا يقال للمسمى: سمِّه أي أظهره وأعلِه أي أعل ذكره بالاسم الذي يذكر به، وما ليس له اسم فإنه لايذكر ولا يظهر ولا يعلو ذكره بل هو كالشيء الخفي الذي لايعرف (١). وأسماء الله تعالى لم تزل كما لم يزل الله بخلاف الأسماء المخلوقة التي ادعاها المشركون لأصنامهم، وأسماء الله صفاته ليس شيء منها مخالفاً لصفاته، ولا شيء من صفاته مخالفاً لأسمائه (٢). قال ابن القيم (٣):

أسماؤه أوصاف مدح كلها مشتقة قد حملت لمعان

وقد يذكر الاسم ويراد به المسمى كقول المنادي: يازيد فليس مراده دعاء اللفظ بل مراده دعاء المسمى باللفظ.

وأسماء الله تعالى مباركة تنال بها البركة، وبركتها من جهة دلالتها على المسمى، ولهذا فرقت الشريعة بين ما يذكر اسم الله عليه، ومالا يذكر اسم الله عليه.

وأسماء الله الحسنى مثل: الرحمن الرحيم، والغفور الرحيم إذا ذكرت في الدعاء والخبر يراد بها المسمى، والذي له الأسماء الحسنى هوالمسمى بها سبحانه نفسه ومنها اسمه الله، وليس المراد أن هذا الاسم له الأسماء الحسنى بل المراد أن المسمى له الأسماء الحسنى.

وأمره سبحانه بذكر اسمه كما في قوله تعالى:

{وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا (٨)} [المزمل: ٨].

وقوله: {وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ بُكْرَةً وَأَصِيلًا (٢٥)} [الإنسان: ٢٥].

وتسبيح اسمه في قوله: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى (١)} [الأعلى: ١].

المقصود به تسبيح المسمى وذكره؛ فإن المسبح والذاكر إنما يسبح اسم الله ويذكر اسمه فيقول مثلا: سبحان ربي الأعلى، ولم يقل: سبحان اسم ربي الأعلى فقد نطق بلفظ: ربي الأعلى والمراد هو المسمى بهذا اللفظ وهذا يدل على أن أسماء الله مثل: الله، وربنا، وربي الأعلى ونحو ذلك يراد بها المسمى مع أنها هي في نفسها ليست هي المسمى، وقد يذكر الاسم نفسه كما في ذكر اسم الله على الذبيحة، وعند قراءة القرآن وعند الأكل، أما في الأمر بذكر اسم الله فيراد به التسبيح والتهليل والحمد.

وإذا قيل: الحمد لله، أو بسم الله فإن اسمه {الله} يتناول ذاته وصفاته لايتناول ذاتاً مجردة عن الصفات ولاصفات مجردة عن الذات، وقد نص الأئمة على أن صفاته سبحانه داخلة في مسمى أسمائه ليست زائدة عليه.


(١) انظر: مجموع الفتاوى (٦/ ٢٠٧ - ٢٠٩).
(٢) انظر: رد الإمام الدارمي على بشر المريسي (٨)، مدارج السالكين (١/ ٢٨).
(٣) النونية (٢/ ٢٥١).

<<  <  ج: ص:  >  >>