للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(١) أن كون الشيء جميلاً يقتضي محبة الله له، وهو سبحانه أحسن كل شيء خلقه؛ إذ كل موجود فلابد فيه من وجه الحكمة التي خلقه الله لها، ومن ذلك الوجه يكون حسناً محبوباً، فهو سبحانه جميل يحب الجمال، والجمال الذي للخُلق من العلم والإيمان والتقوى أعظم من الجمال الذي للخَلق وهو الصورة

الظاهرة، وكذلك الجميل من اللباس الظاهر فلباس التقوى أعظم وأكمل. وهو يحب الجمال الذي للباس التقوى أعظم مما يحب الجمال الذي للباس الرياش، ويحب الجمال الذي للخُلق أعظم مما يحب الجمال الذي للخلق، فذو الصورة الحسنة إما أن يترجح عنده العفة والخلق الحسن، وإما أن يترجح فيه ضد ذلك، وإما أن يتكافآ فإن ترجح فيه الصلاح كان جماله بحسب ذلك وكان أجمل ممن لم يمتحن تلك المحنة، وإن ترجح فيه الفساد لم يكن جميلاً، بل قبيحاً مذموماً فلايدخل في قوله: {إن الله جميل يحب الجمال}، وإن تكافأ فيه الأمران كان فيه من الجمال والقبح بحسب ذلك، فلايكون محبوباً ولا مبغوضاً والنبي صلى الله عليه وسلم ذكر هذه الكلمة للفرق بين الكبر الذي يبغضه الله والجمال الذي يحبه الله.

(٤) أنه ليس كل ثوب جميل وكل نعل جميل فإن الله يحبه؛ فإنه يبغض لباس الحرير للرجل ويبغض الإسراف والخيلاء في اللباس وإن كان فيه جمال. فإذا كان هذا في لبس الثياب الذي هو سبب هذا القول فكيف في غيره! وقد علم أن مجرد جمال الظاهر في الصور والثياب لاينظر الله إليه وإنما ينظر إلى القلوب والأعمال، فإن كان الظاهر مزيناً مجملاً بجمال الباطن أحبه الله، وإن كان مقبحاً مدنساً بقبح الباطن أبغضه الله.

انظر كتاب (الجمال لشيخ الإسلام ١٠٠ - ١٣٥) والكتاب كله نفيس في بيان هذا الحديث وقد اقتصرت على ماذكرت خشية الإطالة.

<<  <  ج: ص:  >  >>