للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والحنابلة، وبعض الشافعية إلى أن كل ما أسكر فهو خمر حقيقة، سواء اتخذ من العنب أو التمر أو الحنطة أو الشعير أو غيرها (١).

١ - لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «كل مسكر حرام، إن على الله عهدًا لمن يشرب المسكر أن يسقيه من طينة الخبال» قالوا: وما طينة الخبال؟ قال: «عصارة أهل النار» (٢) وفي لفظ عند مسلم: «كل مسكر خمر، وكل خمر حرام».

٢ - وعن عمر قال: «أيها الناس، إنه نزل تحريم الخمر، وهي من خمسة: من العنب، والتمر، والعسل، والحنطة، والشعير، والخمر ما خامر العقل» (٣).

٣ - ولأن القرآن لما نزل بتحريم الخمر فهم الصحابة -وهم أهل اللسان- أن كل شيء يسمى خمرًا يدخل في النهي، فأراقوا المتخذ من التمر والرطب ولم يخصوا ذلك بالمتخذ من العنب، بل إن الخمر إنما حرمت بالمدينة، وما بها عنب (!!) وما كان شرابهم إلا البسر والتمر. على أن الخمر إنما سميت خمرًا لأنها تخمر العقل وتغيِّبه وتستره فعمت كلَّ مسكر.

وذهب أكثر الشافعية، وصاحبا أبي حنيفة وبعض المالكية إلى أن الخمر هي المسكر من عصير العنب إذا اشتد، سواء أقذف بالزبد أم لا.

فائدتان:

١ - إذا أسكر الكثير، فالقليل حرام: وعلى هذا جماهير أهل العلم، لقوله صلى الله عليه وسلم: «كل ما أسكر حرام، وما أسكر الفرق، فملء الكف منه حرام» (٤).

تنبيه: جمهور الشافعية الذين ذهبوا إلى أن الخمر من عصير العنب لا يخالفون الجمهور في أن ما أسكر كثيره فقليله حرام، والاختلاف في الإطلاق بين الجمهور وأكثر الشافعية، لم يغيِّر الأحكام من جوب الحد عند شرب قليله، والنجاسة، وغير ذلك مما يتعلق بالخمر، ما عدا مسألة تكفير مستحلِّ الخمر، فلا يكفر منكر حكمه للاختلاف فيه.


(١) «ابن عابدين» (٥/ ٢٨٨)، و «المدونة» (٦/ ٢٦١)، و «الدسوقي» (٤/ ٣٥٣)، و «الروضة» (١٠/ ١٦٨)، و «المغنى» (٩/ ١٥٩).
(٢) صحيح: أخرجه مسلم (٢٠٠٢)، والنسائي (٨/ ٣٢٧)، وأحمد (٣/ ٣٦١).
(٣) صحيح: أخرجه البخاري (٥٥٨١)، ومسلم (٣٠٣٢).
(٤) صحيح: أخرجه أبو داود (٣٦٨٧)، والترمذي (١٩٢٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>