للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما الحنفية، فالأنبذة من غير العنب عندهم لا يُحدُّ شاربها إلا إذا سكر منها!! والحديث حجة عليهم.

٢ - كلُّ ما غيَّب العقل فهو خمر:

لقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه: «.. والخمر ما خامر العقل» (١).

ويدخل في هذا الحشيشة والأفيون والهيروين والبانجو ونحوها من المخدرات وهي حرام بإجماع الفقهاء لحديث أم سلمة: «أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن كل مسكر ومُفتِّر» (٢).

قال شيخ الإسلام: «هذه الحشيشة الصلبة حرام، وهي مسكرة يتناولها الفجار لما فيها من النشوة والطرب، فهي تجامع الشراب المسكر في ذلك، والخمرة توجب الحركة والخصومة، وهذه الحشيشة توجب الفتور والذلة».

ثم قال -رحمه الله-: «.. ومن استحلها وزعم أنها حلال فإنه يُستتاب، فإن تاب وإلا قُتل مرتدًّا، فإن كل ما يصيب العقل فهو حرام بإجماع المسلمين» اهـ (٣).

شرب الخمر للمضطر (٤):

ما سبق من تحريم الخمر إنما هو في الأحوال العادية، أما عند الاضطرار فيرخَّص شرعًا تناول الخمر، لكن بمعياره الشرعي الذي تُباح به المحرمات، كضرورة العطش الذي يخشى معه الهلاك أو الغصص أو الإكراه، فيتناول المضطر بقدر ما تندفع به الضرورة، قال الله تعالى: {وَقَدْ فَصَّلَ لَكُم مَّا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلاَّ مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ} (٥).

فأسقط الله تعالى تحريم ما فصل تحريمه عند الضرورة، فعمَّ ولم يخصَّ فلا يجوز تخصيص ذلك.

وقد منع المالكية -وهو الأصحُّ عن الشافعية- شربها لدفع العطش، قالوا:


(١) صحيح: تقدم قريبًا.
(٢) إسناده ضعيف: أخرجه أبو داود (٣٦٨٦)، وأحمد (٦/ ٢٥٤).
(٣) «مجموع الفتاوى»، وانظر: «ابن عابدين» (٦/ ٤٥٧)، و «سبل السلام» (٤/ ١٣٢٢)، و «الزواجر» للهيثمي (١/ ١٧٢).
(٤) «المحلى» (٧/ ٤٢٦)، و «فتح القدير» (٩/ ٢٨)، و «الدسوقي» (٤/ ٣٥٣)، و «مغنى المحتاج» (٤/ ١٨٨)، و «كشاف القناع» (٩/ ١١٧).
(٥) سورة الأنعام: ١١٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>