للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٥ - وقد نقل عن قوم إباحة الحرير للرجال، واستدلوا بما يلي:

١ - حديث عقبة بن عامر قال: أُهدي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فَرُوج حرير، فلبسه ثم صلى فيه، ثم انصرف، فنزعه نزعًا شديدًا كالكاره له، ثم قال: "لا ينبغي هذا للمتقين" (١) وأجيب: بأن هذا محمول على أنه صلى الله عليه وسلم لبسه قبل تحريمه، إذ لا يجوز أن يُظَنَّ به أنه لبسه بعد التحريم في صلاة ولا غيرها.

٢ - حديث المسور بن مخرمة: "أنها قُدمت للنبي صلى الله عليه وسلم أقبية، فذهب هو وأبوه إلى النبي صلى الله عليه وسلم لشيء منها، فخرج النبي صلى الله عليه وسلم وعليه قباء من ديباج مزرَّر، فقال: "يا مخرمة خبأنا لك هذا" وجعل يريه محاسنه، وقال: "أرضيَ مخرمة؟ " (٢).

وأجيب: بأن هذا فعل لا ظاهر له، والأقوال صريحة في التحريم، على أنه لا نزاع أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يلبس الحرير ثم كان التحريم آخر الأمرين (٣).

* القدر المباح من الحرير في الثوب:

يُباح لبس الرجل للثوب إذا كان به عَلَم بمقدار أربع أصابع فما دون من الحرير، عند جمهور العلماء، لحديث أبي عثمان قال: كتب إلينا عمر بن الخطاب ونحن بأذربيجان: "أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن لبس الحرير إلا هكذا، وصفَّ لنا النبي صلى الله عليه وسلم إصبعيه" (٤).

وفي لفظ لمسلم: "نهى عن لُبس الحرير إلا موضع إصبعين أو ثلاثة أو أربعة" (٥).

فإن زاد علم الحرير في الثوب على أربعة أصابع حَرُم.

* إباحة لبس الحرير عند الضرورة (٦):

ذهب الجمهور -خلافًا للمالكية ورواية عن أحمد- إلى جواز لبس الحرير عند الضرورة كحالة المرض أو الحكة ونحو ذلك، لحديث أنس قال: "رخص النبي صلى الله عليه وسلم للزبير وعبد الرحمن في لبس الحرير لحكَّة بهما" (٧).


(١) صحيح: أخرجه البخاري (٣٧٥)، ومسلم (٢٠٧٥).
(٢) صحيح: أخرجه البخاري (٣١٢٧)، والبيهقي (٣/ ٢٧٣)، والطحاوي (٤/ ٢٤٣).
(٣) «أحكام العورة والنظر» لمساعد الفالح (ص: ١٨٣).
(٤) صحيح: أخرجه البخاري (٥٨٢٩)، ومسلم (٢٠٦٩).
(٥) صحيح: أخرجه مسلم (٢٠٦٩).
(٦) «ابن عابدين» (٥/ ٢٢٤)، و «الخرشي» (١/ ٢٥٢)، و «المجموع» (٤/ ٤٤٠)، و «المغني» (٢/ ٣٠٦)، و «زاد المعاد» (٣/ ١٠٣).
(٧) صحيح: أخرجه البخاري (٥٨٣٩)، ومسلم (٢٠٧٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>