للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذهب المالكية -وهو الرواية الأخرى عند الحنابلة- إلى أنه لا يجوز للحكَّة ونحوها على الأصل، وأن الرخصة كانت خاصَّة بالصحابيين رضي الله عنهما (!!).

والصحيح قول الجمهور، لأن الأصل عدم التخصيص، والرخصة إذا ثبتت في حق بعض الأمة لمعنى، تعدَّت إلى كل من وجد فيه ذلك المعنى، إذ الحكم يعم بعموم سببه، والله أعلم.

* لا يجوز افتراش الحرير:

فعن حذيفة رضي الله عنه قال: "نهانا النبي صلى الله عليه وسلم أن نشرب في آنية الذهب والفضة، وأن نأكل فيها، وعن لبس الحرير والديباج، وأن نجلس عليه" (١) وبه قال الجمهور -خلافًا لأبي حنيفة- لأن سبب تحريم اللبس موجود في الجلوس، ولأنه إذا حرم اللبس مع الحاجة فغيره أولى، هذا حكم الذكور، وأما الإناث فجائز لهن كاللبس.

* تحريم ثوب الشهرة:

عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من لبس ثوب شهرة في الدنيا، ألبسه الله مذلَّة يوم القيامة [ثم ألهب فيه نارًا] " (٢).

قال ابن الأثير: الشهرة ظهور الشيء، والمراد أنه ثوب يشتهر بين الناس لمخالفة لونه لألوان ثيابهم، فيرفع الناس إليه أبصارهم، ويختال عليهم بالعجب والتكبر. اهـ.

* هل يكره للرجل لبس الأحمر؟

اختلف أهل العلم في حكم لبس الرجل للثوب الأحمر على الأقوال -حصرها الحافظ في سبعة أقوال- ويمكن تلخيصها في قولين (٣):

الأول: يُكره لبس الثوب الأحمر: وهو مذهب الحنفية والحنابلة، وحجتهم ما يلي:

١ - حديث البراء بن عازب قال: "أمرنا النبي صلى الله عليه بسبع ونهانا عن سبع -فذكر منها-: المياثر الحمر" (٤) وفي رواية من حديث عمران بن حصين: "نهى عن ميثرة الأرجوان" (٥).


(١) صحيح: أخرجه البخاري (٥٨٣٧).
(٢) حسن: أخرجه أبو داود (٤٠٢٩)، وابن ماجة (٣٦٠٦)، وأحمد (٢/ ٩٢)، وهو في «صحيح الجامع» (٦٥٢٦).
(٣) «مجمع الأنهر» (٢/ ٥٣٢)، و «الإنصاف» (١/ ٤٨١)، و «فتح الباري» (١٠/ ٣٠٥)، و «نيل الأوطار».
(٤) صحيح: أخرجه البخاري (٥٨٤٩)، ومسلم (٢٠٦٦).
(٥) أخرجه الترمذي (٢٧٨٨)، وهو في «صحيح الجامع» (٦٩٠٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>