للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ج) ويكون مُحرَّمًا: في حق من يخلُّ بالزوجة في الوطء والإنفاق، مع عدم قدرته عليه وتوقانه إليه.

(د) ويكون مكروهًا: في حق مثل هذا حيث لا إضرار بالزوجة فاشتغاله بالطاعة من العبادة أو الاشتغال بالعلم أولى.

قلت: الزواج من آكد السنن، فهو سنة المرسلين، كما تبيَّن من مجموع الآيات والأحاديث المرغبة في الزواج -والتي تقدم بعضها- ولا شك في وجوبه عند الخوف من الوقوع في الزنا مع القدرة عليه، وأما جعل بعض أقسامه مباحًا ففيه دفع في وجه الأدلة، وردٌّ للترغيبات الكثيرة المتقدمة، وكذلك لا ينبغي أن يجعل الزواج محرمًا في حق من لا شهوة له، فإن في الزواج مقاصد أخرى يمكن أن تتحقق فإن رضيت الزوجة بذلك ولم يكن قد دلَّس عليها فلا حرمة فيه، والله أعلم.

* ولا يجب على المرأة الزواج (١):

لحديث أبي سعيد قال: إن رجلًا أتى بابنة له إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إن ابنتي قد أبت أن تزوج، قال: فقال لها: "أطيعي أباك" فقالت: لا، حتى تخبرني ما حق الزوج على زوجته؟ فردّدتْ عليه مقالتها، فقال: "حق الزوج على زوجته: أن لو كان به قُرحة فلحستها أو ابتدر منخراه صديدًا أو دمًا ثم لحسته ما أدَّت حقَّه" قالت: والذي بعثك بالحق، لا أتزوَّج أبدًا، فقال صلى الله علي وسلم: "لا تُنكحوهُنَّ إلا بإذنهن" (٢).

قلت: فدَّل الحديث على جواز ترك الزواج لعذر، لكن الأولى الزواج لما تقدم من المرغبات فيه وما فيه من الفوائد، فإن خشيت المرأة الوقوع في الفاحشة وجب عليها الزواج بلاشك، والله أعلم.

* المحرَّمات زواجهن من النساء:

وهن النساء اللاتي يحرُم على الرجل أن يتزوَّج بهنَّ، وقد ذكرهن الله تعالى في كتابه بقوله عز وجل: {ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء إلا ما قد سلف إنه كان فاحشة ومقتًا وساء سبيلًا* حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم وأخواتكم وعماتكم وخالاتكم وبنات الأخ وبنات الأخت وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم وأخواتكم من الرضاعة وأمهات نسائكم وربائبكم اللاتي في حجوركم من نسائكم اللاتي دخلتم بهن فإن لم تكونوا


(١) «جامع أحكام النساء» (٣/ ٣٠)، وبه قال ابن حزم (٩/ ٤٤١) رغم قوله بفرضية التزويج على الرجال القادرين.
(٢) حسن: أخرجه ابن أبي شيبة (١٧١١٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>