للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فنهى الله تعالى في هذه الآية الكريمة عن نكاح المرأة التي نكحها الأب، ولم يبين ما المراد بنكاح الأب: هل هو العقد أو الوطء؟ لكن قد أجمع العلماء على أن من عقد عليها الأب حرمت على ابنه وإن لم يدخل بها الأب، وهذا تحريم مؤبد، وكذلك عقد الابن محرم على الأب إجماعًا وإن لم يمسها.

فعن البراء قال: لقيت عمي ومعه راية فقلت له: أين تريد؟ قال: "بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى رجل نكح امرأة أبيه، فأمرني أن أضرب عنقه وآخذ ماله" (١).

ومن تزوج امرأة أبيه فإن عقوبته: أن يُقتل ويؤخذ ماله.

٢ - أم الزوجة: وتحرم على الرجل بمجرد العقد على ابنتها عند جمهور أهل العلم، وهو الصواب لإطلاق قوله تعالى: {وأمهات نسائكم}.

فلم تتقيد بالدخول كما قيدت الربيبة، فإن كان دخل بزوجته حَرُمَت عيه أمها بالإجماع (٢) ويدخل في هذا أم أم زوجته، وأم أبيها.

٣ - بنت الزوجة (الربيبة): ويشترط في تحريمها أن يدخل الرجل بأمها فإن عقد على الأم ولم يدخل بها جاز أن يتزوج ابنتها.

قال تعالى: {وربائبكم اللاتي في حجوركم من نسائكم اللاتي دخلتم بهن فإن لم تكونوا دخلتم بهن فلا جناح عليكم}. قلت: والراجح من أقوال العلماء أن قوله: {اللاتي في حجوركم} يعني في بيوتكم، لا يعد شرطًا لتحريم بنت الزوجة -كما ذهب إليه الجمهور- (٣) فهو خارج مخرج الغالب وما كان كذلك فلا مفهوم له، قلت: ومما يؤيد هذا أنه تعالى احترز بقوله {فإن لم تكونوا دخلتم بهن} ولم يقل: (فإن لم يكنَّ في حجوركم)، فعلم أن الدخول بأمها شرط بخلاف وجودها في بيته والله أعلم.

والمراد بالدخول هنا: الجماع كما قال ابن عباس. والله أعلم.


(١) صحيح لشواهده: أخرجه أبو داود (٤٤٥٧)، والدارمي (٢/ ١٥٣)، والحاكم (٤/ ٣٥٧)، والبيهقي (٨/ ٢٠٨) وصححه شيخنا لشواهده.
(٢) «تفسير الطبري» (٨/ ١٤٣)، و «الأم» (٥/ ٣٤)، و «المغني» (٦/ ٥٦٩)، و «المحلي» (٩/ ٢٥٩)، و «القرطبي» (٥/ ٧٠)، و «جامع أحكام النساء» (٣/ ٨٧).
(٣) وقد خالف في هذا علي بن أبي طالب ثم ابن حزم، ونقل عن الإمام مالك، فجعلوا كون البنت في بيت زوج أمها شرطًا لتحريمها عليه، وإلى هذا المذهب جنح شيخنا في «جامع أحكام النساء» (٣/ ٩٣) وما بعدها، لكن الظاهر أن مذهب الجمهور أقوى لأمور يطول شرحها.

<<  <  ج: ص:  >  >>