للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢ - وسئل ابن عمر عن تحليل المرأة لزوجها، فقال: "ذلك السفاح" (١).

* وسواء في هذا: أن يُشترط عليه طلاق المرأة لتحلَّ لزوجها، أو لا يُشترط لكن ينوي هو تحليلها، فالنكاح فاسد:

٣ - فعن نافع قال: جاء رجل إلى ابن عمر رضي الله عنهما فسأله عن رجل طلَّق امرأته ثلاثًا، فتزوجها أخ له من غير مؤامرة منه ليُحلها لأخيه، هل تحل للأول؟ قال: "لا، إلا نكاح رغبة، كنا نعدُّ هذا سفاحًا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم" (٢).

وذهب أبو حنيفة والشافعي -في قوله الثاني وهو المشهور- إلى أن النكاح صحيح والشرط باطل (٣)!! ولا يسلم لهذا القول دليل، والصحيح أنه نكاح فاسد.

* فائدة: المعتبر في فساد النكاح نيَّة الزوج الثاني (المحلِّل): فلا يخلو من حالين:

١ - أن ينوي زواج المرأة ثم تطليقها لتحليلها لأول، سواء شُرط عليه أم لا، فالنكاح حينئذ فاسد، ويكون ملعونًا.

٢ - أن يُشرط عليه تحليل المرأة قبل العقد، فينوي -هو- غير ما اشترطوا عليه ويقصد النكاح رغبة، فالنكاح صحيح، لأنه خلا من نية التحليل وشرطه (٤).

* ولا اعتبار لنية الزوج الأول، أو المرأة نفسها:

لأن الزوج الأول لا يملك شيئًا من العقد، ولا من رفعه، فهو أجنبي كسائر الأجانب.

وكذلك المرأة لأن الطلاق والإمساك إلى الزوج الثاني لا إليها، ومما يؤيد هذا:

أن امرأة رفاعة القرظى جاءت إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقالت: يا رسول الله، إن رفاعة طلَّقنى فبَتَّ طلاقى، وإنى نكحت بعده عبد الرحمن بن الزبير القرظى، وإنما معه مثل الهُدبة، فقال

صلى الله عليه وسلم: "لعلك تريدين أن ترجعى إلى رفاعة؟ لا، حتى يذوق عُسَيْلتكِ، وتذوقى عُسَيْلته" (٥) يعني: يجامعك.

فلم يعتبر نيَّتها شيئًا.


(١) إسناده صحيح: أخرجه عبد الرزاق في «المصنف» (١٠٧٧٦).
(٢) صحيح: أخرجه الحاكم (٢/ ١٩٩)، والبيهقي (٧/ ٢٠٨).
(٣) «ابن عابدين» (٣/ ٤١١)، و «روضة الطالبين» (٧/ ١٢٦).
(٤) «المغني» لابن قدامة (٦/ ٦٤٨).
(٥) صحيح: أخرجه البخاري (٢٦٣٩)، ومسلم (١٤٣٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>