للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

البتة فنكحت في عدتها، فضربها عمر بن الخطاب رضي الله عنه وضرب زوجها بالمخففة ضربات، وفرَّق بينهما، ثم قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "أيما امرأة نكحت في عدتها: فإن كان زوجها الذي تزوَّج بها لم يدخل بها فرِّق بينهما، ثم اعتدَّت بقية عدتها من زوجها الأول، وكان [أي الزوج الجديد] خاطبًا من الخطاب، فإن كان دخل بها فرِّق بينهما ثم اعتدت بقية عدتها من زوجها الأول، ثم اعتدت من الآخر، ثم لا ينكحها أبدًا" قال سعيد: ولها مهرها بما استحل منها (١).

قلت: ثم هل يجوز للزوج الثاني أن يتقدم مرة أخرى -بعد انقضاء العدتين- فيخطبها ويتزوجها؟ أم لا يجوز أبدًا؟

تقدم أن عمر رضي الله عنه يمنعه أبدًا وبه قال مالك والليث والأوزاعي، وأجازه عليُّ بن أبي طالب: فعن عطاء "أن عليًّا رضي الله عنه أُتي في ذلك، ففرَّق بينهما، وأمرها أن تعتدَّ ما بقي من عدَّتها الأولى، ثم تعتدُّ من هذا عدةٌ مستقلة، فإذا انقضت عدَّتها فهي بالخيار إن شاءت نكحت، وإن شاءت فلا" (٢) وبه قال الجمهور.

والأظهر قول عليٍّ رضي الله عنه (٣) لأنه الأصل ولعدم الدليل على حكم عمر رضي الله عنه ولعله إنما قضى بذلك تعزيرًا.

لكن إذا كان تزوجها في العدة عالمًا بالحرمة، فيكون لمنعه من نكاحها وجه زجرًا له ومعاملة بنقيض قصده، والله أعلم.

(د) أن تكون معتدة من نكاح فاسد أو فسخ (٤):

كالمعتدة من لعان أو ردَّة، أو المستبرأة من الزنى، أو التفريق لعيب أو عنَّة وشبه ذلك، فذهب الجمهور: المالكية والشافعية والحنابلة وأكثر الحنفية إلى جواز التعريض لها بالخطبة لعموم الآية الكريمة وقياسًا على المطلقة ثلاثًا، ولأن سلطة الزوج قد انقطعت.


(١) إسناده صحيح: أخرجه البيهقي (٧/ ٤٤١)، وعبد الرزاق (١٠٥٣٩).
(٢) ضعيف وله شواهد: أخرجه الشافعي في «الأم» (٥/ ٢٣٣)، والبيهقي (٧/ ٤٤١)، وعبد الرزاق (١٠٥٣٢).
(٣) وإليه مال شيخنا - حفظه الله - في «جامع أحكام النساء» (٣/ ٢٣٠).
(٤) «المواهب» (٣/ ٤١٧)، و «الدسوقي» (٢/ ٢١٨)، و «مغني المحتاج» (٣/ ١٣٦)، و «مطالب أولي النهى» (٥/ ٢٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>