للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثالث: يجوز النظر إلى ما يريد منها إلا العورة، وهذا مذهب الأوزاعي.

الرابع: يجوز النظر إلى جميع البدن، وهو مذهب داود وابن حزم والرواية الثالثة عن أحمد، لظاهر قوله صلى الله عليه وسلم: "انظر إليها".

قلت: والراجح "الذي تطمئن إليه النفس أن الرجل إذا ذهب لخطبة المرأة فإنها تُبدي له الوجه والكفين كما قال الجمهور، أما إذا اختبأ لها فله أن ينظر منها إلى ما يدعوه إلى نكاحها" (١) فليس له أن يطالبها بإبداء ما فوق الوجه والكفين، لكن له أن يستفسر عما فوق ذلك، وأن تنقله له أمُّه أو أخته، أو أن يختبئ هو لرؤيته، وهذا القول عندي هو الذي يُخرَّج عليه قول من أجاز النظر إلى ما فوق الوجه والكفين والله أعلم.

* هل يُشترط استئذان المخطوبة وعلمُها بالنظر إليها (٢):

ذهب جمهور العلماء إلى أنه لا يشترط علم المخطوبة أو إذنها أو إذن وليها بنظر الخاطب إليها، اكتفاءً بإذن الشارع، ولإطلاق الأخبار، كما في حديث جابر المتقدم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا خطب أحدكم المرأة فإن استطاع أن ينظر إلى ما يدعوه إلى نكاحها فليفعل" فقال: فخطبتُ جارية فكنت أتخبَّأ لها، حتى رأيت ما دعاني إلى نكاحها وتزوُّجها، فتزوجتها" (٣).

وقد ورد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا خطب أحدكم امرأة فلا جناح عليه أن ينظر إليها إذا كان إنما ينظر إليها لخطبتها، وإن كانت لا تعلم" وهذا -إن ثبت- نص في المسألة.

بل قال بعض الفقهاء: إنَّ عدم إعلامها بالنظر أولى، لأنها قد تتزيَّن له بما يغرّه، فيفوت غرضه من النظر، وهو رؤيتها على طبيعتها.

وذهب المالكية إلى وجوب إعلام المرأة أو وليها بالنظر، لئلا يتطرَّق الفساق للنظر إلى النساء ويقولون: نحن خُطَّاب.

قلت: وقول الجمهور أقرب إلى النص، ثم هو لو تمكَّن من النظر إليها -بغير علمها- قبل خطبتها فهو أولى، لأنه قد يُردُّ أو يُعرض فيحصل التأذى والكسر.


(١) «جامع أحكام النساء» (١/ ٢٥٣).
(٢) «المواهب» (٣/ ٤٠٤)، و٣/ ٤٠٤)، و «الدسوقي» (٢/ ٢١٥)، و «نهاية المحتاج» (٦/ ١٨٣)، و «كشاف القناع» (٥/ ١٠).
(٣) حسن: تقدم قريبًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>