للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* هل يجوز النظر إلى المخطوبة بشهوة أو التلذذ بذلك؟

اشترط الحنابلة لإباحة النظر أمن الفتنة، قالوا: وأما النظر بقصد التلذذ أو الشهوة فهو على أصل التحريم (١).

وأما الجمهور فلم يشترطوا ذلك، بل قالوا: ينظر لغرض التزوُّج وإن خاف أن يشتهيها، أو خاف الفتنة لأمرين:

١ - أن الأحاديث الواردة بالمشروعية لم تقيِّد النظر بذلك.

٢ - أن المصلحة المترتبة على نظر الخاطب أعظم من المفاسد المترتبة عليه (٢).

* تكرار النظر إلى المخطوبة (٣):

للخاطب أن يكرِّر النظر إلى المخطوبة -إن احتاج لذلك- ويتأمل محاسنها ولو بلا إذن وهو الأولى، ليتبيَّن هيئتها، فلا يندم بعد النكاح، إذ لا يحصل الغرض غالبًا بأول نظرة. لكن ينبغي أن يتقيَّد في هذا بقدر الحاجة وهي التأكد من مدى قبوله لها، فلو اكتفى بنظرة أو أكثر -وحصل له القبول- حرُم ما زاد على ذلك، لأنه نظر أبيح لحاجة فيتقيَّد بها، وتعود أجنبية عنه حتى يعقد عليها.

قلت: وعلى هذا، فلا ينبغي تعدد مجالس الرجل مع مخطوبته كما هو حاصل في هذه الأيام حيث يكاد الخاطب يزور مخطوبته كل يوم، ويجلس معها الساعات الطويلة يصوِّب النظر إليها -وقد استقر في نفسه قبولها- ويكرِّره لا لأجل تحقق مدى قبوله لها، ولكن ربما تغرُّلًا فيها وتلذُّذًا بجمالها!! ولا شك أن هذا لا يجوز لأنها لا تزال أجنبية عنه.

* إذا لم تعجبه المخطوبة:

إذا نظر الخاطب إلى من يريد نكاحها فلم تعجبه، فليسكت، ولا يجوز له أن يذيع ما يسوؤها وأهلها، فربما أعجب غيره ما ساءه منها، ولا ينبغي أن يقول: لا أريدها، لأنه إيذاء (٤).


(١) «المغني» (٦/ ٥٣٣).
(٢) «ابن عابدين» (٥/ ٢٣٧)، و «جواهر الإكليل» (١/ ٢٧٥)، و «روضة الطالبين» (٧/ ٢٠)، و «مجموع الفتاوى» (١٥/ ٤١٩ - ٢١/ ٢٥١).
(٣) «ابن عابدين» (٥/ ٢٣٧)، و «نهاية المحتاج» (٦/ ١٨٣)، و «مغني المحتاج» (٣/ ١٢٨)، و «كشاف القناع» (٥/ ١٠)، و «المغني» (٦/ ٥٥٢).
(٤) «روضة الطالبين» (٧/ ٢١)، و «مغني المحتاج» (٢/ ٨٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>