للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* العُدول والرجوع عن الخطبة:

١ - حكم العُدول عن الخِطبة (١):

الخطبة ليست عقدًا، ولكنها وعد بعقد، والوعد بالعقود غير مُلزم بعقدها عند جمهور أهل العلم، ولا يكره للولي الرجوع عن الإجابة إذا رأى المصلحة للمخطوبة في ذلك، ولا يُكره لها أيضًا الرجوع عن الإجابة إذا رأى المصلحة للمخطوبة في ذلك، ولا يُكره لها أيضًا الرجوع إذا كرهت الخاطب، لأن النكاح عقد عمري يدوم الضرر فيه، فكان لها الاحتياط لنفسها والنظر في حظها.

وإن رجعا لغير غرض كُره لما فيه من إخلاف الوعد والرجوع عن القول، ولم يحرم لأن الحق بعد لم يلزمها كمن سام سلعة ثم بدا له ألا يبيعها، ويكره كذلك أن يتركها الخاطب، إذا ركنت له المرأة وانقطع عنها الخُطَّاب لركونها إليه.

قلت: قال الله تعالى: {كبر مقتًا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون} (٢).

وعن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب، وإذا اؤتمن خان، وإذا وعد أخلف" (٣).

وهذه النصوص وغيرها قوية في الدلالة على وجوب الوفاء وعدم جواز الإخلاف -لغير عذر- فكيف حملوها على كراهة التنزيه مع الوعيد الشديد؟!!

(أ) ما دفعه كجزء من المهر: فهذا له حالتان:

الأولى: أن يكون موجودًا بعينه، ومن ذلك ما يسمى بـ "الشبكة" وهي الحلي الذي يدفعه الخاطب إلى مخطوبته بعد الاتفاق عليه، وقد يُدفع إليها قبل العقد أو بعده حسب جريان العرف، فهذا ونحوه يحق للخاطب -عند العدول عن الخطبة- أن يستردَّه باتفاق أهل العلم لا فرق في هذا بين أن يكون العدول من جانبه أو جانبها أو بسبب خارج عن إرادتهما (٤).


(١) «المغني» (٦/ ٦٠٧)، و «مواهب الجليل» (٣/ ٤١١)، و «فتح الباري» (٥/ ٢٩٠).
(٢) سورة الصف: ٣.
(٣) صحيح: أخرجه البخاري ومسلم.
(٤) «ابن عابدين» (٣/ ١٥٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>