للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثانية: أن يكون قد اشترى به جهازًا لبيت الزوجية: فللفقهاء في حكم ردِّ قيمة الصداق أو ما اشترى به من جهاز قولان:

القول الأول: يجب ردُّ ما دفعه من صداق لأن الصداق معاوضة في مقابلة التمتع ولم تتم المعاوضة فوجب ردُّه بعينه إن كان قائمًا، وبقيمته إن هلك أو استهلك، وهذا مذهب الجمهور.

القول الثاني: لا يرجع عليها مما اشترى من جهاز إن كان أذن لها -بالشراء- أو علم أو جرى به عُرف، وإلا يرجع عليها بما دفعه من صداق، وهذا قول المالكية.

والذي يظهر لي: أنه إن كان العدول من جانب الخاطب وكان على علم بشراء الجهاز من المهر أو جرى بذلك العرف -فإنه يسترد الجهاز ولا تكلف المرأة ببيعه وردِّ ما دفعه لما فيه من الغُرْم.

وإن كان العدول من جانب المخطوبة، فإنها تُلزم بردِّ ما دفعه من الصداق وإن غَرِمتْ في بيع الجهاز.

(ب) ما دفعه على سبيل الهدية: فهذا لأهل العلم في حكم استرداده أربعة أقوال (١):

الأول: يجوز استردادها إذا كانت قائمة في ملك المُهدى إليه بعينها ولم يتصرف فيها بما يخرجها عن ملكه، فإن هلكت أو تغير حالها لم يمكن استردادها، وهذا مذهب الحنفية.

الثاني: لا يستردُّ شيئًا وإن كان المانع من جهتها إلا لشرط أو عرف، وبه قال بعض المالكية، والظاهر أن مبناه على أن الهدية في معنى الهبة، والهبة لا يجوز أن يعود الواهب فيها، لقوله صلى الله عليه وسلم: "ليس لنا مثل السوء، الذي يعود في هبته كالكلب يرجع في قيئه" (٢).

ولما أهدى عمر بن الخطاب رضي الله عنه فرسًا لرجل ليجاهد عليه فأضاعه، أراد عمر أن يشتريه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "لا تشتره، وإن أعطاكه بدرهم واحد، فإن العائد في صدقته كالكلب يعود في قيئه" (٣).


(١) «ابن عابدين» (٢/ ٣٦٤)، و «جواهر الإكليل» (١/ ١٧٦)، و «قليوبي وعميرة» (٣/ ٢١٦)، و «حاشية الجمل» (٤/ ١٢٩)، و «بداية المجتهد» (٢)، و «الإنصاف» (٨/ ٢٩٦)، و «مجموع الفتاوى» (٣٢/ ١٠)، و «فقه الزواج» (٦٤).
(٢) صحيح: أخرجه البخاري (٢٦٢٢)، ومسلم.
(٣) صحيح: أخرجه البخاري (٢٦٢٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>