للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٣ - قوله تعالى: {وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن} (١). قالوا: الاستدلال بها من وجهين.

(أ) أنه أضاف النكاح إليهن.

(ب) أن النهي عن العضل في الآية يحتمل أن يكون للأزواج، فنهتهم عن منع أزواجهم المطلقات -بعد قضاء عدتهن- من التزوُّج بمن شئن من الأزواج!!

قلت: وقد تقدم سبب نزول الآية وأنه يردُّ هذا التأويل.

٤ - حديث ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "الأيم أحق بنفسها من وليِّها، والبكر تُستأذن في نفسها، وإذنها صماتها" (٢).

قلت: ولا يصفو لهم الاستدلال بهذا الحديث على عدم اشتراط الولي لأمرين:

(أ) "أن غاية ما يدل عليه أن للولي حقًا في تزويج الثيب، وللثيب حق في تزويج نفسها، وحقها أرجح من حقِّه، فلم يجز تزويجها بدون استئمارها، وموافقتها، أما البكر فحق الولي أعظم من حقها، ولذا اكتفى بصمتها" (٣).

وهذا كله في حالة الإجبار فلا يجوز للولي أن يجبر الأيِّم على ما تكره.

(ب) أنه لو كان معنى الحديث ما أرادوا، للزم أفضلية الزواج بدون الولي، وهذا يخالف ما عليه الحنفية من استحباب وجود الولي.

فالصحيح الذي لا يجوز خلافه أن الولي شرط في صحة النكاح كما ذهب إليه الجماهير، والله أعلم.

* فوائد:

١ - أجاز أبو حنيفة -كما تقدم- للمرأة أن تزوِّج نفسها، لكنه جعل للولي حق فسخ العقد إذا تزوَّجت بغير كفءٍ!!

٢ - لا تزوِّج المرأة غيرها: ولا ينعقد العقد بعبارتها، لأنه لم يصحَّ منها عقدها وتزويجها لنفسها، فلا يصحُّ تزويجها لغيرها من باب أولى، ويؤيد هذا ما جاء عن عائشة رضي الله عنها أنها أنكحت رجلًا من بني أخيها جارية من بني أخيها فضربت


(١) سورة البقرة: ٢٣٢.
(٢) صحيح: أخرجه مسلم.
(٣) «أحكام الزواج» للأشقر (ص: ١٣٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>