للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثانية: إذا زوَّج الولي الثيب بغير إذنها ثم أجازت العقد: فالعقد صحيح لا يحتاج إلى استئنافه من جديد، عند أكثر العلماء منهم أبو حنيفة ومالك ورواية عن أحمد.

وعند الشافعية -وهو رواية عن أحمد-: لا يصح العقد السابق بغير إذنها، ولابد من استئنافه (١).

(ب) إجبار البكر البالغة:

اختلف العلماء في البكر البالغة العاقلة، هل لوليِّها إجبارها؟ على قولين، أصحهما أنه لا يجوز له إجبارها كالثيب، وهو مذهب أبي حنيفة وأصحابه ورواية عن أحمد، والأوزاعي والثوري وأبي عبيد وأبي ثور وابن المنذر، واختاره شيخ الإسلام (٢) ودليلهم:

١ - حديث ابن عباس أن جارية بكرًا أتت النبي صلى الله عليه وسلم فذكرت له أن أباها زوَّجها وهي كارهة، فخيَّرها النبي صلى الله عليه وسلم" (٣).

ونحوه من حديث جابر، وفيه: " ... ففرَّق بينهما" (٤).

٢ - قوله صلى الله عليه وسلم: " ... ولا تنكح البكر حتى تستأذن .. " (٥) وما في معناه.

٣ - ولأن تصرف الولي في بُضع وليته كتصرفه في مالها، فكما لا يتصرف في مالها إذا كانت رشيدة إلا بإذنها -وبُضعها أعظم من مالها- فكيف يجوز أن يتصرف في بُضعها مع كراهتها ورشدها؟! (٦).

٤ - أن تزويجها مع كراهتها للنكاح مخالف للأصول والعقول، والله لم يُسوِّغ لوليها أن يُكرهها على بيع أو إجارة إلا بإذنها، ولا على طعام ولا شراب ولا


(١) «مجموع فتاوى شيخ الإسلام» (٣٢/ ٢٩).
(٢) «المغني» (١٦/ ٤٩١)، و «فتح الباري» (٩/ ١٩٣)، و «المحلي» (٩/ ٤٥٨)، و «مجموع الفتاوى» (٢/ ٣٩).
(٣) حسن لشواهده: أخرجه أبو داود (٢٠٩٩)، وابن ماجة (١٨٧٥)، وله شواهد عند الدارقطني (٣/ ٢٣٣ - ٢٣٦)، والبيهقي (٧/ ١١٧)، قال الحافظ (٩/ ١٩٦): إن طرقه يقوي بعضها بعضًا. اهـ.
(٤) يشهد له ما قبله: أخرجه النسائي في «الكبرى».
(٥) صحيح: تقدم قريبًا.
(٦) «مجموع الفتاوى» (٣٢/ ٣٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>