للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلت: لعله أراد الأئمة الثلاثة، فقد قال أبو حنيفة -والأوزاعي- في الثيب الصغيرة: "يزوِّجها كل ولي، فإذا بلغت ثبت لها الخيار" (١).

ويُستدل للجمهور بحديث أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "تُستأمر اليتيمة في نفسها، فإن سكتت فهو إذنها، وإن أبت فلا جواز عليها" (٢).

فاليتيمة: الصغيرة التي لم تحض، إذ لا يُتْم بعد احتلام، والتي مات أبوها.

٤ - عَضْل الولي عن النكاح:

تقدم أنه لا يجوز للولي أن يجبر المرأة على الزواج بمن تكره، وكذلك لا يجوز له عضلها، أي: منعها من الزواج بمن ارتضته المرأة إذا كان كُفؤًا لها.

قال الله تعالى: {وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن إذا تراضوا بينهم بالمعروف} (٣). وقد تقدم ذكر سبب نزولها.

"وإذا عضل الولي موليته فإن الولاية تنتقل عنه إلى غيره، وقد ذهب الشافعي وأحمد في رواية عنه إلى أن الولاية تنتقل في حالة العضل إلى الحاكم، وذهب أبو حنيفة في المشهور عنه إلى أنها تنتقل إلى الأبعد بشرط أن يكون كُفؤًا، فإن امتنع الأولياء جميعًا عن تزويجها وعضلوها، فإن الولاية تنتقل إلى الحاكم قولًا واحدًا" اهـ (٤).

قلت: الأقرب قول أبي حنيفة لما في حديث عائشة مرفوع: "فإن اشتجروا فإن السلطان ولي من لا ولي له" (٥).

٥ - من هم الأولياء؟

أولياء المرأة الذين يحق له تزويجها هم العصبة، وهم أقاربها الذكور من جهة أبيها لا من جهة أمِّها، وهذا مذهب الجمهور، خلافًا لأبي حنيفة فعنده: أقارب أمها من الأولياء.

وقد اختلف أهل العلم في أحق الأولياء وترتيبهم (٦):


(١) «فتح الباري» (٩/ ٩٨ - سلفية)، و «بداية المجتهد» (٢/ ٢٩).
(٢) صحيح: أخرجه أبو داود (٢٠٩٣)، والترمذي (١١٠٩)، والنسائي (٦/ ٨٥).
(٣) سورة البقرة: ٢٣٢.
(٤) «مجموع الفتاوى» (٣٢/ ٣٧).
(٥) صحيح: وقد تقدم قريبًا.
(٦) «المحلي» (٩/ ٤٥١)، و «البدائع» (٢/ ٢٥١)، و «الكافي» لابن عبد البر (٢/ ٥٢٥)، و «روضة الطالبين» (٧/ ٨٧)، و «الإنصاف» (٨/ ٨٧)، و «فتح الباري» (٩/ ١٨٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>