للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم زوَّج مولاته من نفسه، وهو الحجة على من سواه!!

٣ - عن عائشة رضي الله عنها في قوله تعالى: {ويستفتونك في النساء قل الله يفتيكم فيهن ...} (١): "هي اليتيمة تكون في حجر الرجل قد شركته في ماله فيرغب عنها أن يتزوجها، ويكره أن يزوِّجها غيره فيدخل عليه في ماله، فيحبسها، فنهاهم الله عن ذلك" (٢).

فقولها "فرغب عنها أن يتزوجها" أعم من أن يتولى ذلك بنفسه أو يأمر غيره فيزوِّجه.

٤ - عن سعيد بن خالد أن أم حكيم بنت قارظ قالت لعبد الرحمن بن عوف: إنه قد خطبني غير واحد، فزوجني أيهم رأيت، قال: وتجعلين ذلك إليَّ؟ قالت: نعم، قال: قد تزوجتك (٣).

* وذهب الشافعي وداود إلى أنه لا يجوز أن يزوِّج نفسه من موليته، بل يزوِّجه غيره، ووجه ذلك:

١ - أن الأصل عند الشافعي في أنكحة النبي صلى الله عليه وسلم أنها على الخصوص حتى يدل الدليل على العموم، لكثرة خصوصياته صلى الله عليه وسلم في هذا المعنى، فلا يتم -على أصله- الاستدلال بحديث صفية.

٢ - لا يجوز أن يكون الناكح هو المنكح قياسًا على الحاكم والشاهد!!

قلت: والقول بالجواز أظهر لعدم الدليل على المنع، وأما زواج صفية، فعلى فرض أن أنكحة النبي صلى الله عليه وسلم على الخصوص -وهذا مُسلَّم- فأحاديث الترغيب في الزواج بالأمة بعد تأديبها وإعتاقها مقتضية لعموم الحكم.

وأما دعوى عدم جواز أن يكون الناكح هو المنكح، فقال ابن حزم: "ففي هذا نازعناهم، بل جائز أن يكون الناكح هو المنكح، فدعوى كدعوى!!، وأما قولهم: كما لا يجوز أن يبيع من نفسه، فهي جملة لا تصح كما ذكروا، بل جائز إن وكل ببيع شيء أن يبتاعه لنفسه إن لم يُحابها بشيء ... " اهـ.


(١) سورة النساء: ١٢٧.
(٢) صحيح: أخرجه البخاري (٥١٣١) وغيره وقد تقدم.
(٣) علَّقه البخاري بصيغة الجزم (٩/ ٩٤ - سلفية) ووصله ابن سعد في «الطبقات» (٨/ ٤٧٢) بسند لا بأس به إلى أم حكيم، وليس لها رواية عن النبي ق وإنما عن أزواجه ولم يزد ابن سعد في التعريف بها على ما في الخبر وذكرها في أزواج عبد الرحمن بن عوف.

<<  <  ج: ص:  >  >>