للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أوكد من شرط الثمن لقوله صلى الله عليه وسلم: "إن أحق الشروط أن توفوا به: ما استحللتم به الفروج" (١).

والأموال تُباح بالبدل، والفروج لا تُستباح إلا بالمهور، وإنما ينعقد النكاح بدون فرضه وتقديره -لا مع نفيه- والنكاح المطلق ينصرف إلى مهر المثل .... فلابد من مهر مسمى مفروض أو مسكوت عن فرضه" اهـ.

قلت: وسيأتي مزيد بيان لبعض المسائل المتعلقة بالصداق قريبًا، إن شاء الله.

الشرط الرابع: الإشهاد أو الإعلان:

وبهذا الشرط يتميَّز النكاح من السفاح، وقد اختلف أهل العلم فيما يشترط في صحة النكاح: الإشهاد أم الإعلان؟ أم كلاهما؟ أم أحدهما؟ أم لا شيء منهما؟ فهذه خمسة أقوال (٢):

الأول: الإشهاد شرط، والإعلان مستحب: وهذا مذهب الجمهور: أبي حنيفة ومالك -والمعتمد عند المتأخرين- والشافعي ورواية عن أحمد، وبه قال النخعي والثوري والأوزاعي.

١ - واحتجوا بزيادة وردت في حديث: "لا نكاح إلا بولي [وشاهدي عدل] " لكن زيادة "وشاهدي عدل" ضعيفة من كل الطرق لكن صححها بعض العلماء (٣).

لكن قال الشافعي -رحمه الله- (٤): "وهذا وإن كان منقطعًا دون النبي صلى الله عليه وسلم، فإن أكثر أهل العلم يقول به، ويقول: الفرق بين النكاح والسفاح الشهود" اهـ.

وقال الترمذي عقب الحديث: "والعمل على هذا عند أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ومن بعدهم من التابعين وغيرهم، قالوا: لا نكاح إلا بشهود، لم يختلف في ذلك من مضى منهم، إلا قومًا من المتأخرين من أهل العلم ... " اهـ المقصود.


(١) صحيح: أخرجه البخاري (٥١٥١)، ومسلم (١٤١٨).
(٢) «فتح القدير» (٣/ ١٩٩)، و «البدائع» (٣/ ٣٧٦)، و «ابن عابدين» (٣/ ٨)، و «بداية المجتهد» (٢/ ٤٢)، و «الدسوقي» (٢/ ٢١٦)، و «روضة الطالبين» (٧/ ٤٥)، و «نهاية المحتاج» (٦/ ٢١٧)، و «المغني» (٧/ ٢٣٩)، و «مجموع الفتاوى» (٣٢/ ١٢٧)، و «الاستذكار» (١٦/ ٢١٤)، و «المحلي» (٩/ ٤٦٥).
(٣) انظر هذه الطرق ووجه ضعفها في «جامع أحكام النساء» (٣/ ٣٢٢)، وقد صححها العلامة الألباني في «الإرواء» (٦/ ٢٥٨) فليراجع.
(٤) «الأم» (٢/ ١٦٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>