للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢ - وبما يُروى عن عائشة مرفوعًا: "كل نكاح لم يحضره أربعة فهو سفاح: خاطب، وولي، وشاهدان" (١) وهو منكر لا يحتج به.

٣ - ما يُروى عن ابن عباس مرفوعًا: "البغايا: اللاتي يزوِّجن أنفسهن بغير بيِّنة" (٢).

٤ - قول ابن عباس: "لا نكاح إلا بشاهدي عدل وولي مرشد" (٣).

قلت: فرأوا أن هذه الأحاديث يقوِّي بعضها بعضًا، وأن النفي في قوله: "لا نكاح" يتوجَّه إلى الصحة، وذلك يستلزم أن يكون الإشهاد شرطًا.

الثاني: الإعلان شرط، والإشهاد مستحب: وهذا هو الصحيح عن مالك ورواية عن أحمد وبعض الأحناف، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية، قالوا: فلو زوَّجها الولي ولم يكن بحضرة شهود، ثم أُعلن النكاح وشاع بين الناس فقد صحَّ النكاح وحصل المقصود:

١ - لأن المأمور به هو الإعلان، كما قال صلى الله عليه وسلم: "أعلنوا النكاح" (٤). والمقصود من النكاح: الإظهار والإعلان ليتميز من السر الذي هو الزنا، وهذا أعمُّ من الإشهاد فإذا تحقق الإعلان فليس ثم حاجة إلى الإشهاد، فإن تعذَّر الإعلان -على هذا النحو الواسع- كان الإشهاد واجبًا لأنه القدر الممكن من الإعلان.

٢ - ولأن المسلمين ما زالوا يزوِّجون النساء على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يكن النبي صلى الله عليه وسلم يأمرهم بالإشهاد، وليس في اشتراط الشهادة في النكاح حديث ثابت، ولا في الصحاح، ولا في السنن ولا في المسانيد.

٣ - من الممتنع أن يكون الذي يفعله المسلمون دائمًا له شروط لم يبيِّنها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا مما تعم به البلوى، فجميع المسلمين يحتاجون إلى معرفة هذا، وإذا كان شرطًا كان ذكره أولى من ذكر المهر وغيره، مما لم يكن له ذكر في كتاب الله ولا حديث ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

٤ - أن الشهود قد يموتون، أو تتغير أحوالهم، وهم يقولون: مقصود الشهادة


(١) منكر: أخرجه الدارقطني (٣/ ٢٢٤) وفي سنده مجهول.
(٢) أخرجه الترمذي.
(٣) صححه الألباني موقوفًا. وانظر «الإرواء» (٦/ ٢٣٥، ٢٥١).
(٤) صححه الألباني بهذا اللفظ: وأخرجه الترمذي بسياق أطول وهو في «الضعيفة» (٩٧٨) وعلى كل فاللفظ المذكور كذلك يحتاج تصحيحه إلى شيء من النظر فليحرر.

<<  <  ج: ص:  >  >>