للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تنبيهان:

(أ) مسح الرأس يكون مرة واحدة: فلا يتناوله التثنية والتثليث التي وردت مجملة في أحاديث صفة وضوئه صلى الله عليه وسلم، وأما الروايات التي فيها تثليث مسح الرأس فلا يصح منها شيء، وأما الروايات التي فيها أنه مسح مرتين فهي تأويل لقوله «فأقبل بهما وأدبر» -كما قال ابن عبد البر (١) - ولا يقال في رد اليدين على الرأس في مسحه أنه تكرار لأن التكرار إنما يكون باستئناف أخذ الماء، ثم إن استحباب التكرار مقصور على المغسول دون الممسوح (٢)، ومن أقوى ما يدل على عدم تكرار مسح الرأس حديث الأعرابي الذي جاء إلى النبي فسأله عن الوضوء فأراه ثلاثًا ثلاثًا، ثم قال: «هذا الوضوء، فمن زاد على هذا فقد أساء وتعدى وظلم» (٣).

قال الحافظ في الفتح (١/ ٢٩٨): «فإن رواية سعيد بن منصور فيها التصريح بأنه مسح رأسه مرة واحدة، فدلَّ على أن الزيادة في مسح الرأس على المرة غير مستحب، ويحمل ما ورد من الأحاديث في تثليث المسح -إن صحت- على إرادة الاستيعاب بالمسح، لا أنها مسحات مستقلة لجميع الرأس جميعًا بين الأدلة» اهـ.

قلت: وهذا مذهب أبي حنيفة ومالك وأحمد -في الصحيح عنه- خلافًا للشافعي -رحمهم الله- (٤).

(ب) يكره الزيادة على الثلاث لمن أسبغ:

الثلاث في أعضاء الوضوء أكمل الوضوء وأتمُّه، ويكره الزيادة عليها، لحديث: «فمن زاد على هذا فقد أساء وتعدى وظلم» ومحل هذا ما لم تكن هذه الزيادة لتمام نقصان، وأما إن أسبغ وضوءه بالثلاث أو بما دونها فيكره الزيادة على الثلاث وهذا مما لا خلاف فيه (٥).


(١) «الخلافيات» للبيهقي (١/ ٣٣٦) تعليق الشيخ مشهور آل سلمان - أثابه الله- وانظر «الطهور» لأبي عبيد (ص ٣٥٩).
(٢) «مقدمات ابن رشد على المدونة» (ص ١٦).
(٣) صحيح: أخرجه النسائي (١/ ٨٨)، وابن ماجه (٤٢٢)، وأحمد (٢/ ١٨٠).
(٤) «المبسوط» (١/ ٥)، و «حاشية الدسوقي» (١/ ٩٨)، و «المغنى» (١/ ١٢٧)، و «الأم» (١/ ٢٦).
(٥) «التمهيد» لابن عبد البر (٢٠/ ١١٧) بنحوه مختصرًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>