للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلا يجوز للزوج ولا لورثته استرجاعها في أصحِّ قولي العلماء، وهو مذهب الحنفية والمالكية والأصح عند الشافعية ووجه عند الحنابلة (١).

لأنه وفَّاها ما عليه ودفع إليها الكسوة بعد وجوبها عليه، فلم يكن له الرجوع فيها.

ولأنها صلة فأشبهت الهبة، ولا يجوز الرجوع في الهبة في حال وفاة الواهب أو الموهوب.

* وأما السُّكنى: فهي واجبة للزوجة على زوجها بالاتفاق:

١ - لأن الله تعالى جعل للمطلقة الرجعية السكنى على زوجها، فوجوب السكنى للتي هي في صُلب النكاح أولى.

قال الله تعالى: {أسكنوهن من حيث سكنتم من وجدكم} (٢).

٢ - ولأن الله تعالى أوجب المعاشرة بالمعروف بين الأزواج بقوله: {وعاشروهن بالمعروف} (٣). ومن المعروف المأمور به أن يُسكنها في مسكن تأمن فيه على نفسها ومالها.

٣ - كما أن الزوجة لا تستغني عن المسكن للاستتار عن العيون والاستمتاع وحفظ المتاع فلذلك كانت السكنى حقًا لها على زوجها (٤).

* صفة المسكن الشرعي: المعتبر في المسكن الشرعي للزوجة هو سعة الزوج وحال الزوجة، قياسًا على النفقة باعتبار أن كلًّا منهما حق مترتب على عقد الزواج.

ولقوله تعالى: {أسكنوهن من حيث من وجدكم} وقوله سبحانه: {لينفق ذو سعة من سعته ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما آتاه الله} (٥).

فالواجب يكون بقدر حال المنفعة يسرًا وعسرًا وتوسطًا فكذلك السكنى، وهو مذهب الجمهور.

وقال الشافعية: المعتبر في المسكن الشرعي هو حال الزوجة فقط، على خلاف قولهم في النفقة!!


(١) «ابن عابدين» (٢/ ٦٦٠)، و «جواهر الإكليل» (١/ ٤٠٤)، و «روضة الطالبين» (٩/ ٥٥)، و «المغني» (٧/ ٥٧٢).
(٢) سورة الطلاق: ٦.
(٣) سورة النساء: ١٩.
(٤) «البدائع» (٤/ ١٥)، و «تحفة المحتاج» (٧/ ٤٤٣)، و «الفرع» لابن مفلح (٥/ ٥٧٧).
(٥) سورة الطلاق: ٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>