للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(جـ) طلاق الغضبان:

الغضب: حالة من الاضطراب العصبي، وعدم التوازن الفكري، تحل بالإنسان إذا عدا عليه أحد بالكلام أو غيره.

والغضب على ثلاثة أقسام (١):

١ - "أن يحصل للإنسان مبادؤه وأوائله، بحيث لا يتغير عقله ولا ذهنه، ويعلم ما يقول ويقصده، فهذا لا إشكال في وقوعه طلاقه، ولا سيما إذا وقع منه ذلك بعد تردد فكره".

قلت: (أبو مالك): وهذا هو الغالب في طلاق الرجال، إنما يكون في حال الغضب، ولو جاز عدم وقوع طلاق الغضبان مطلقًا، لكان لكل أحد أن يقول: كنت غضبان!!

٢ - "أن يبلغ به الغضب نهايته بحيث ينغلق عليه باب العلم والإرادة، فلا يعلم ما يقول، ولا يريده، فهذا لا يتوجَّه خلاف في عدم وقوع طلاقه".

قلت: وعليه يحمل حديث: "لا طلاق ولا عتاق في إغلاق" (٢) فقد قال أبو داود في "سننه" عقب الحديث: والإغلاق، أظنه الغضب. اهـ (٣).

٣ - "من توسَّط في الغضب بين المرتبتين، فتعدى مبادئه، ولم ينته إلى آخره بحيث صار كالمجنون، فهذا موضوع الخلاف، ومحل النظر".

قلت: في هذه الحالة يصل به الغضب إلى درجة يغلب عليه فيها الخلل والاضطراب في أقواله، وأفعاله، فيمنعه من التثبت والتروي، وإن كان لا يزيل عقله بالكلية، وهي حالة نادرة كذلك، ومذاهب الأئمة الأربعة: أنه يقع طلاق الغضبان بهذه الكيفية (٤) وقال آخرون: لا يقع في هذه الحالة، وهو اختيار

شيخ الإسلام وتلميذه ابن القيم، حيث قال: والأدلة الشرعية تدل على عدم نفوذ طلاقه، وعتقه، وعقوده، التي يُعتبر فيها الاختيار والرضا، وهو فرع من الإغلاق كما فسَّره به الأئمة (٥).


(١) «زاد المعاد» (٥/ ٢١٤)، و «إعلام الموقعين» (٢/ ٤١).
(٢) ضعيف: تقدم قريبًا.
(٣) على أنه قد فسِّر الإغلاق بالإكراه وبالجنون وبتطليق الثلاث دفعة واحدة وغير ذلك.
(٤) «ابن عابدين» (٣/ ٢٤٣)، و «الدسوقي» (٢/ ٣٦٦)، و «حاشية الجمل» (٤/ ٣٢٤)، و «كشاف القناع» (٥/ ٢٣٥).
(٥) «إغاثة اللهفان في طلاق الغضبان» لابن القيم (ص: ١٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>