للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلت: يتأتَّى على القول الأول ما يعرف بجعل الرجل «العصمة بيد زوجته» فتطلق نفسها متى شاءت!!

وقد صدر من بعض المحاكم الشرعية المصرية (١) حكم بني على أن التفويض إذا كان في حين عقد الزواج وبصيغة مطلقة لا يتقيَّد بالمجلس فتطلَّق نفسها متى شاءت، وإلا خلا التفويض من الفائدة، وأُيِّد هذا الحكم استئنافيًا.

[٢] الرجوع في التفويض (٢):

إذا أراد الزوج - بعد تفويض زوجته بالتطليق وقبل تطليقها - أن يفسخ هذا التفويض، فإن له ذلك ويبطل التفويض بفسخه، عند الشافعي وأحمد والأوزاعي وإسحاق، لأنه توكيل، فكان له حق الرجوع فيه كالتوكيل في البيع، وكما لو خاطب بذلك أجنبيًّا.

وعند أبي حنيفة ومالك: ليس له الرجوع، ولعل مرادهما: ليس له الرجوع في المجلس، فإن التفويض مقيَّد عندهما بالمجلس، وليس من حقها التطليق بعده كما تقدم.

[٣] عدد التطليقات الذي تملكه الزوجة المفوَّضة:

إذا فوَّض الرجل لزوجته تطليق نفسها، فلو طلَّقت نفسها ثلاثًا - على القول بوقوعه - فهل يقع ثلاثًا؟

ذهب أحمد وظاهر مذهب مالك في المدخول بها، أنها تقع ثلاثًا، لأنها مفوَّضة في العدد فلها إيقاع ما فوض إليها، ولو قال: أردتُ واحدة، لم يُقبل منه؛ لأنه لما قال لها (طلقي نفسك) اقتضى العموم في جميع أمرها، وبه يقول ابن عمر كما سيأتي.

وقال أبو حنيفة والشافعي ورواية ثانية عن أحمد: تقع تطليقة واحدة، وهو قول مالك في غير المدخول بها، لكن الشافعي وأحمد في هذه الرواية قد قيداه بما إذا نوي الرجل غير الثلاث فردًّا الحكم إلى نيته؛ لأنه الذي فوضها فيرجع إلى نيتَّه (٣).


(١) «أحكام الأحوال الشخصية في الشريعة الإسلامية» ص (١٥٢).
(٢) المراجع الفقهية السابقة.
(٣) المراجع السابقة.

<<  <  ج: ص:  >  >>