للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الروايتين في مذهب أحمد، وعللوا ذلك بأن إحدادها لفوات نعمة النكاح، فهي تُشبه من وجه من توفى عنها زوجها (!!).

الثاني: لا إحداد عليها، وهو مذهب مالك والشافعي في الجديد - إلا أنه استحبُّه - وأحمد في الرواية الأخرى وهو المذهب وبه قال جماعة من السلف وأبو ثور وابن المنذر، قالوا: لأن الزوج هو الذي فارقها نابذًا لها، فلا يستحق أن تحد عليه (!!).

قلت: والثاني أرجح لأن الشرع علَّق الإحداد على الوفاة، وليس في لسان الشرع - فيما أعلم - تعليق إحداد طلاق، والله أعلم.

النفقة والسكنى للمعتدة:

[١] بالنسبة للمعتدة من طلاق رجعي: المعتدة من طلاق رجعي تعتبر زوجة، لأن ملك النكاح قائم، ولذا اتفق أهل العلم على وجوب ما يلزم معيشتها من نفقة وسكنى وكسوة، سواء كانت حاملًا أو

حائلًا (غير حامل) لبقاء آثار الزوجية مدة العدة، ولقوله تعالى: {أسكنوهن من حيث سكنتم من وجدكم} (١).

ولحديث فاطمة بنت قيس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إنما النفقة والسكنى للمرأة إذا كان لزوجها عليها رجعة» (٢).

[٢] بالنسبة للمعتدة من طلاق بائن: فلها حالتان:

(أ) أن تكون حاملًا: فتجب لها النفقة والسكنى حتى تضع حملها بلا خلاف بين أهل العلم، لقوله تعالى: {وإن كن أولات حمل فأنفقوا عليهن حتى يضعن حملهن} (٣).

ولما في بعض طرق حديث فاطمة بنت قيس: وأمر لها الحارث بن هشام وعياش بن أبي ربيعة نفقة، فقالا لها: والله ما لك نفقة إلا أن تكوني حاملًا، فأتت النبي - صلى الله عليه وسلم - فذكرت له قولها، فقال: «لا نفقة لك» ... الحديث (٤).

(ب) أن لا تكون حاملًا: لأهل العلم في حكم النفقة والسكنى للمطلَّقة طلاقًا بائنًا - غير الحامل - في عدتها ثلاثة أقوال:


(١) سورة الطلاق: ٦.
(٢) صحيح: أخرجه النسائي (٦/ ١٤٤) بسند صحيح.
(٣) سورة الطلاق: ٦.
(٤) صحيح: أخرجه مسلم (١٤٨٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>