للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأول: لها النفقة والسكنى: وهو قول أبي حنيفة ورواية عن أحمد، وهو قول عمر بن الخطاب وابن مسعود، ومأخذ هذا القول أن قوله تعالى: {أسكنوهن من حيث سكنتم ...} (١). عام في جميع المطلقات لأنها ذُكرت بعد قوله تعالى: {فطلقوهن لعدتهن} (٢). وهذه انتظمت الرجعية والبائن.

الثاني: لها السكنى دون النفقة: وهو مذهب مالك والشافعي والرواية الثانية عن أحمد، ومأخذه أن الله تعالى أطلق السكنى لكل مطلقة من غير تقييد في قوله {أسكنوهن من حيث سكنتم} (٣). فكانت حقًّا لهن، لأنه لو أراد غير ذلك لقيَّد كما فعل في النفقة إذا قيَّدها بالحمل.

الثالث: ليس لها سكنى ولا نفقة: وهو قول أحمد - في رواية - وإسحاق وأبي ثور وداود وأصحابه وسائر أهل الحديث، وبه قال ابن عباس وجابر وفاطمة بنت قيس - وكانت تناظر عليه - وطائفة من السلف، قلت: وهو الأرجح لما يأتي:

١ - حديث فاطمة بنت قيس: أن زوجها طلَّقها البتة، فخاصمته إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في السكنى والنفقة، قالت: «فلم يجعل لي سكنى ولا نفقة، وأمرني أن اعتدَّ في بيت أم مكتوم» (٤).

وقد طمن عمر - رضي الله عنه - في هذا الحديث: فعن أبي إسحاق قال: «كنت مع الأسود بن يزيد جالسًا في المسجد الأعظم، ومعنا الشعبي، فحدث بحديث فاطمة بنت قيس: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يجعل لها سكنى ولا نفقة، ثم أخذ الأسود كفًّا من حصى، فحصبه به، فقال: ويلك، تحدث بمثل هذا؟ قال عمر: «لا نترك كتاب الله وسنَّة (٥) نبينا - صلى الله عليه وسلم - لقول امرأة لا ندري لعلها حفظت أو نسيت؟ لها السكنى والنفقة» قال الله عز وجل: {لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة} (٦) (٧).


(١) سورة الطلاق: ٦.
(٢) سورة الطلاق: ١.
(٣) سورة الطلاق: ٦.
(٤) صحيح: أخرجه مسلم (١٤٨٠).
(٥) ") قوله (وسنة نبينا) قال الدارقطني هذه زيادة غير محفوظة، قلت: وهذا لا شك فيه لأن هذه السنة لو كانت عند عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما تكلمت فاطمة ولا دعت للمناظرة ولما فات هذا الحديث أئمة الحديث والمصنفين.
(٦) سورة الطلاق: ١.
(٧) صحيح: أخرجه مسلم (١٤٨٠/ ٤٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>