للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ب) وأما من جانب الزوج: فكما إذا عضل الرجل زوجته بأذاه لها ومنعها حقها ظلمًا لتفتدي نفسها منه، لقوله تعالى: {ولا تعضلوهن لتذهبوا ببعض ما اتيتموهن} (١).

فإن فارقها - في هذه الحالة - بعوض لم يستحقَّه؛ لأنه عوض أكرهت على بذله بغير حق فلم يستحقه.

لكن إن زنت فعضلها لتفتدي نفسها منه جاز وصحَّ الخلع لقوله تعالى: {لا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إلاَّ أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ} (٢). والاستثناء من النهي إباحة.

وإن ضربها لغير قصد أخذ شيء منها فخالعته لذلك صحَّ الخُلع، لأنه لم يعضلها ليأخذ مما آتاها شيئًا (٣).

[٣] مُستحَبٌّ: ويكون طلب الزوجة للخلع من زوجها مستحبًّا إذا كان مفرِّطًا في حقوق الله تعالى - عند الحنابلة (٤) - قلت: وربما يكون واجبًا في بعض الحالات كأن يكون الزوج مُصرًّا على ترك

الصلاة (٥) بالرغم من تذكيرها له بلزوم ما فرض الله عليه، وكأن يكون مدمنًا لتعاطي المخدرات ونحوها أو مرتكبًا للكبائر، أو كان يأمرها بالمحرمات ونحوها.

«وهكذا الحكم فيما لو كان الزوج متلبِّسًا باعتقاد أو فعل يخرجه من الإسلام ويجعله مرتدًا، ولا تستطيع المرأة إثبات ذلك أمام القضاء ليحكم بالتفريق، أو تستطيع إثبات ذلك ولكن القاضي لا يحكم بردَّته ولا يحكم بوجوب التفريق، فعليها في هذه الحالة أن تطلب من هذا الزوج أن يخالعها ولو على مال تدفعه له، لأنه لا ينبغي للمسلمة أن تكون زوجة لمثل هذا الرجل المتلبِّس بما يكفر به اعتقادًا أو فعلًا» اهـ (٦).


(١) سورة النساء: ١٩.
(٢) سورة النساء: ١٩.
(٣) «ابن عابدين» (٣/ ٤٤٥)، و «الكافي» لابن عبد البر (٢/ ٥٩٣)، و «الأم» (٥/ ١٧٨)، و «الجمل» (٤/ ٢٩٢)، و «المغني» (٧/ ٥٤ - ٥٦)، و» الإنصاف» (٨/ ٣٨٣).
(٤) «غاية المنتهى» (٣/ ١١٢).
(٥) فإنه قد حصل الخلاف في كفر تاركها عمدًا على ما تقدم في «الصلاة».
(٦) «المفصَّل في أحكام المرأة» (٨/ ١٢٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>