للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما إذا لاعن الزوج بقذف زوجته بناء على شكوك وظنون فاسدة لا تصلح دليلًا شرعيًا ولا قرينة معتبرة على ما يقذفها به من الزنى، فإن اللعان حينئذ يكون محرَّمًا، لأن القذف من الكبائر، فينبغي على الزوج أن يتريَّث ولا يستعجل إذا رأى بعض ما يثير الشكوك والظنون حول سلوك زوجته، وأن يفحص ما يسمعه ويراه فحصًا موضوعيًّا بدون انفعال ولا غضب، حتى يتثبت من الأمر، مستحضرًا أن الأصل في الزوجة المسلمة العفة والنزاهة والبراءة مما يشاع عنها (١).

وإذا كان نفى الولد - بناء على الشكوك والظنون الفاسدة - محرَّمًا، فلا ريب أن جحده لولده مع علمه أنه ولد محرَّم من باب أولى.

شروط صحة اللِّعان (٢):

أولًا: شرط يرجع إلى القاذف (الزوج): عدم إقامة البيِّنة:

يشترط في القاذف أن لا يقيم البيِّنة على ما رمى به زوجته من الزنى حتى يجوز اللعان، لأن الله تعالى شرط ذلك في آية اللعان، بقوله تعالى: {والَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ ولَمْ يَكُن لَّهُمْ شُهَدَاءُ إلاَّ أَنفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ} (٣).

ولذا فلو أقام أربعة من الشهود على المرأة بالزنى لما جاز اللعان، ولوجب إقامة حد الزنى عليها (٤).

وإن قدر على إقامة البينة، فإن له أن لا يقدِّم البينة (الشهود) ويطلب اللعان، وإنما كان له ذلك، لأن البيِّنة واللعان، بيّنتان في إثبات حق الزوج، فجاز إقامة كل واحدة منهما مع القدرة على الأخرى (٥).

متى يجوز اللعان مع إقامة البيِّنة؟

ما تقدم من اشتراط عدم إقامة البينة لصحة اللعان مختص بما إذا كان اللعان بسبب قذفه لها بالزنى، وأما إذا كان لنفي نسب ولدها منه، فيجوز له - مع إقامة


(١) «المفصَّل» (٨/ ٣٢٥ - ٣٢٦) بتصرف، وانظر «المجموع» (١٦/ ٣٨٥)، و «المغنى» (٧/ ٤٢٠).
(٢) انظر «المفصَّل» (٨/ ٣٣٠ - ٣٦٣) ففيه بحث مستفيض.
(٣) سورة النور: ٦.
(٤) «بديع الصنائع» (٣/ ٢٤٠).
(٥) «المجموع» (١٦/ ٣٨٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>