للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢ - ما تقدم في حديث سهل: «.... فلما فرغا، قال: كذبتُ عليها يا رسول الله إن أمسكتُها، فطلَّقها ثلاثًا قبل أن يأمره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين فرغا من التلاعن، ففارقها عند النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: «ذاك تفريق بين كل متلاعنين» (١). وأجيب بان الجملة الأخيرة مدرجة من كلام الزهري.

٣ - أن اللعان يقتضي التحريم المؤبَّد - كما سيأتي بعده - فلم يقف على تفريق الحاكم كالرضاع.

٤ - ولأن الفرقة لو لم تحصل إلا بتفريق الحاكم لساغ ترك التفريق إذا كرهه الزوجان، كالتفريق بالعيب والإعسار، ولبقي الزواج مستمرًّا، وهذا لا يجوز.

(ب) بينما ذهب أبو حنيفة وأصحابه وهو الرواية الأخرى عن أحمد إلى أن الفُرقة لا تحصل - بعد التلاعن- إلا بتفريق الحاكم، واحتجوا بما يلي:

١ - ما في رواية أبي داود لحديث سهل بن سعد قال: «شهدت المتلاعنين على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأنا ابن خمس عشرة ففرَّق بينهما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين تلاعنا» (٢).

٢ - وحديث ابن عمر المتقدم: «لاعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بين رجل وامرأة من الأنصار ففرَّق بينهما» (٣).

وأجيب عنهما: بأن تفريق النبي بينهما، يحتمل ثلاثة أمور، أحدها: إنشاء التفريق، والثاني: الإعلام به، والثالث: إلزامه بموجبه من الفرقة الحسية، وليس هذا بقاطع في المسألة.

٣ - ما جاء في حديث سهل بن سعد من قول الملاعن: «كذبتُ عليها يا رسول الله إن أمسكتُها، فطلَّقها ثلاثًا قيل أن يأمره رسول الله - صلى الله عليه وسلم -» (٤) قالوا: فهذا يقتضي إمكان إمساكها، وأنه وقع طلاقه، ولو كانت الفرقة وقعت قبل ذلك لما وقع طلاق ولما أمكنه إمساكها.

وأجيب: بأن قوله (كذبت عليها إن أمسكتها) لا يدل على أن إمساكها بعد اللعان مأذون فيه شرعًا، بل هو بادر إلى فراقها، وإن كان الأمر صائرًا إلى ما بادر إليه، وأما طلاقها ثلاثًا فما زاد الفرقة إلا تأكيدًا، فإنها حرمت عليه تحريمًا مؤبدًا.


(١) صحيح: تقدم قريبًا.
(٢) أخرجه أبو داود (٢٢٥١) وأصله في الصحيحين كما تقدم.
(٣) صحيح: تقدم قريبًا.
(٤) صحيح: تقدم قريبًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>