للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٤ - برواية أبي داود لحديث سهل بن سعد قال: «فطلَّقها ثلاث تطليقات عند رسول الله، فأنفذه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ...» (١) وأجيب: بأن إنفاد الطلاق عليه تقرير لموجبه من التحريم، فإذا لم تحل له باللعان أبدًا كان الطلاق الثلاث تأكيدًا للتحريم الواقع باللعان، فهذا معنى إنفاذه، فلما لم ينكره عليه، وأقَرَّه على التكلم به على موجبه، جعل سهلٌ هذا إنفاذًا من النبي - صلى الله عليه وسلم -، وسهلٌ لم يحك لفظ النبي - صلى الله عليه وسلم -وإنما شاهد القصة وعدم إنكار النبي - صلى الله عليه وسلم -فظنَّ ذلك تنفيذًا.

قلت: القول بوقوع الفرقة بمجرد تلاعنهما من غير احتياج إلى تفريق القاضي هو الأقوى، على أنني أتصورَّ أن المشترطين لتفريق القاضي يُلزمونه بإيقاع الفرقة بعد اللعان اتباعًا للسنة فيكون الخلاف صوريًّا، والله أعلم.

المسألة الثانية: التفريق باللعان، هل هو طلاق أو فسخ؟ (٢)

فرقة اللعان فسخ، وليست بطلاق، في أصحِّ قولي العلماء، وبه قال مالك والشافعي، وأحمد وابن حزم ويدل على ذلك:

١ - أنها فرقة تُوجب تحريمًا مؤبدًا - كما سيأتي - فكانت فسخًا.

٢ - أن اللعان ليس صريحًا في الطلاق، ولا نوى الزوج به طلاقًا، فلا يقع به الطلاق.

٣ - أنه لو كان اللعان صريحًا في الطلاق أو كفاية فيه لوقع بمجرد لعان الزوج ولم يتوقف على لعان المرأة.

٤ - أنه لو كان طلاقًا، فهو طلاق من مدخول بها بغير عوض لم ينو به الثلاث، فيكون رجعيًا!!

٥ - أن الطلاق بيد الزوج إن شاء أمسك وإن شاء طلَّق، وهذا الفسخ حاصل بالشرع وبغير اختياره.

٦ - ولأنه قد ترجَّح بالسنة وأقوال الصحابة - كما تقدم - أن الخلعَ ليس بطلاق، بل هو فسخ مع كونه بتراضيهما، فكيف تكون فرقة اللعان طلاقًا؟.


(١) إسناده ضعيف: أخرجه أبو داود (٢٢٥٠) وفيه عياض بن عبد الله الفهري: ضعيف.
(٢) «الشرح الصغير» (١/ ٤٩٦)، و «مغني المحتاج» (٣/ ٣٨٠)، و «المغنى» (٧/ ٤١١)، و «المحلى» (١٠/ ١٤٤)، و «الزاد» (٥/ ٣٩٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>