للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[٤] أن تحرَّم عليه زوجته المُلاعنة أبدًا:

لا خلاف بين أهل العلم في حصول الحرمة المؤبَّدة بين الزوجين المتلاعنين بسبب اللعان إذا لم يكذب أحدهما نفسه ويصدق الآخر:

١ - ففي حديث سهل بن سعد في قصة المتلاعنين: «فطلقها ثلاثًا قبل أن يأمره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين فرغا من التلاعن، ففارقها عند النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: «ذاك تفريق بين كل متلاعنين» قال ابن جريج: قال ابن شهاب: فكانت السنة بعدهما أن يفرق بين المتلاعنين .. الحديث (١).

٢ - ورُوي عن ابن عمر مرفوعًا: «المتلاعنان إذا تفرَّقا لا يجتمعان أبدًا» (٢).

٣ - ما رُوي عن عمر - رضي الله عنه - قال: «لا يجتمعان المتلاعنان أبدًا» (٣).

٤ - ما رُوي عن عليًّ وابن مسعود أنهما قالا: «مضت السنة في المتلاعنين أن لا يجتمعا أبدًا» (٤).

قلت: قوله: (فكانت سنة المتلاعنين) الراجح أنها مدرجة من قول الزهري كما صرَّح بذلك غير واحد من أهل العلم، وباقي هذه الآثار في كلٍّ منها مقال إلا أنها بمجموعها تثبت أن المتلاعنين تحصل بينهما حرمة أبدية وعلى هذا اتفاق أهل العلم.

إلا أن أبا حنيفة - رحمه الله - ومحمد ذهبا إلى أن الحرمة المؤبَّدة تسقط إن أكذب أحد الزوجين نفسه، وقد صحَّ هذا عن ابن المسيب، وخالفهم الجمهور (٥) فقالوا: لا تأثير لإكذاب أحدهما نفسه في إسقاط الحرمة المؤبدة، وهذا هو الذي تقتضيه حكمة اللعان، ولا تقتضي سواه:

١ - فإن لعنة الله تعالى وغضبه قد حلَّ بأحدهما لا محالة، ونحن لا نعلم عين من حلَّت به يقينًا، ففرَّق بينهما خشية أن يكون هو الملعون فيعلو على امرأة غير ملعونة وحكمة الشرع تأبى ذلك.

٢ - وإن باءت هي بالغضب بتصديق زوجها، لم يجز له نكاح زانية، وإلا كان ديُّوثًا.


(١) صحيح: تقدم كثيرًا.
(٢) ضعيف الإسناد: أخرجه الدارقطني (٣/ ٢٧٦).
(٣) إسناده منقطع ورجاله ثقات: أخرجه عبد الرازق (١٢٤٣٣)، والبيهقي (٧/ ٤١٠).
(٤) إسناده ضعيف: أخرجه الدارقطني (٣/ ٢٧٦)، والبيهقي (٧/ ٤١٠).
(٥) «البدائع» (٣/ ٣٥٥)، و «الشرح الصغير» (١/ ٤٩٦)، و «مغني المحتاج» (٣/ ٣٨٠)، و «المغنى» (٧/ ٤١٤)، و «المحلى» (١٠/ ٤١٤)، و «المحلى» (١٠/ ١٤٤)، و «الزاد» (٥/ ٣٩١).

<<  <  ج: ص:  >  >>