للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٣ - أن النفرة الحاصلة من إساءة كل منهما إلى صاحبه لا تزول أبدًا، فإن الرجل إن كان صادقًا عليها فقد أشاع فاحشتها وفضحها على رؤوس الأشهاد وأقامها مقام الخزي وحقق عليها الخزي والغضب وقطع نسب ولدها، وإن كان كاذبًا، فقد أضاف إلى ذلك بَهتها بهذه الفرية العظيمة، وإحراق قلبها بها.

والمرأة إن كانت صادقة فقد أكذبته على رؤوس الأشهاد، وأوجبت عليه لعنة الله، وإن كانت كاذبة فقد أفسدت فراشه وخانته في نفسها، وألزمته العار والفضيحة.

فحصل لكلٍّ منهما من صاحبه من النفرة، والوحشة وسوء الظن ما لا يكاد يلتئم معه شملها أبدًا، فاقتضت حكمة من شَرْعُه كلُّه حكمةٌ ومصلحة وعدل ورحمة تحتُّم الفرقة بينهما، وقطع الصحبة المتمحِّضة مفسدة (١) قلت: ولا تأثير لرجوع أحدهما وتكذيبه نفسه في إصلاح شيء من هذه المفاسد، لاسيما ولا دليل مع القائلين بذلك، بل الدليل على خلافه، فقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم -للمُلاعن: «لا سبيل لك عليها» (٢) وهذا عموم يشمل جميع أفراده وجميع حالاته حتى يدلَّ الدليل على تخصيصه، ولا دليل، والله أعلم.

[٥] استحقاق المرأة صداقها وليس للرجل أن يأخذ منه شيئًا:

إذا وقع اللعان بعد الدخول فإن المرأة لا يسقط صداقها به، لحديث ابن عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم -قال للمتلاعنين: «حسابكما على الله، أحدكما كاذب، لا سبيل لك عليها» قال: مالي، قال: «لا مال لك، إن كنت صدقتَ عليها فهو بما استحللت من فرجها، وإن كنت كذبتَ عليها فذاك أبعد لك» (٣).

أما إذا وقع اللعان قبل الدخول، فقيل: لها نصف المهر، وقيل: يسقط مهرها جملة.

ومأخذ القولين: أن الفُرقة إذا كانت بسبب من الزوجين كلعانهما، فهل يسقط الصداق تغليبًا لجانبه كما لو استقل بسبب فرقتها؟ (٤).


(١) مستفاد من «زاد المعاد» (٥/ ٣٩٢ - ٣٩٤) مع شيء من التصرف والزيادة.
(٢) صحيح: تقدم قريبًا.
(٣) صحيح: وهو السابق.
(٤) «زاد المعاد» (٥/ ٣٩٤) بتصرف يسير.

<<  <  ج: ص:  >  >>