للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرابع: يبدأ من حين يجوز له المسح بعد الحدث سواء مسح أو لم يمسح ولم يتوضأ، بحيث لو مسح بعد ما مضى بعض المدة كان له أن يمسح باقيها فقط، وهو مذهب ابن حزم وقد ناقش أكثر المذاهب، فليراجع (١).

الخامس: يبدأ من حين أول مسح بعد الحدث (٢): وهو قول أحمد بن حنبل والأوزاعي، واختاره النووي وابن المنذر وابن عثيمين، وهو أرجح الأقوال، لظاهر قول النبي صلى الله عليه وسلم: «يمسح المسافر» ولا يمكن أن يصدق عليه أنه ماسح إلا بفعل المسح، ولا يجوز العدول عن هذا الظاهر بغير برها. والله أعلم.

وعلى هذا، لو أن رجلاً توضأ عند صلاة الظهر، ولبس خفيه الساعة الثانية عشرة مثلًا وبقي على طهارة حتى الساعة الثالثة عصرًا، ثم أحدث ولم يتوضأ إلا الساعة الرابعة -بعد العصر- ومسح على خفيه، فله أن يمسح عليهما حتى الساعة الرابعة عصرًا من اليوم التالي -إن كان مقيمًا- ومن اليوم الرابع إذا كان مسافرًا.

إذا مسح المقيم ثم سافر:

من مسح على خفيه -وهو مقيم- أقل من يوم وليلة، ثم سافر، فللعلماء فيه قولان:

الأول: له أن يمسح حتى يتم ثلاثة أيام بلياليهن (بما في ذلك ما مسحه وهو مقيم): وهو مذهب الثوري وأبي حنيفة وأصحابه ورواية عن أحمد وبه قال ابن حزم (٣).

الثاني: له أن يمسح حتى يتم يومًا وليلة ثم يلزمه غسل رجليه إذا توضأ، وهو قول الشافعي وأحمد وإسحاق (٤).

والأرجح أنه له المسح حتى تمام ثلاث الأيام ولياليهن، لأن هذا الرجل إذا انتهى يوم وليلة وهو مسافر فله أن يتم المدة لظاهر حديث «يمسح المسافر ثلاثة أيام ولياليهن» والله أعلم.


(١) «مسائل أحمد» لأبي داود (١٠)، و «المحلى» (٢/ ٩٥).
(٢) «اختلاف العلماء» للمروزي (ص ٣١)، و «المغنى» (١/ ٢٩٩)، و «المحلى» (٢/ ١٠٩).
(٣) «الأم» (١/ ٣٥)، و «اختلاف العلماء» (ص ٣١)، و «الأوسط» (١/ ٤٤٦).
(٤) «الأوسط» (١/ ٤٤٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>