للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وذهب أبو ثور - وهو الرواية الأخرى عن مالك والشافعي - إلى أنه لا يُقبل منه الرجوع عن الإقرار بعد كماله كغيره من الإقرارات، واستدلوا بما ورد في حديث جابر في قصة ماعز بنحو حديث أبي هريرة، وفيه قوله - صلى الله عليه وسلم -: «فهلا تركتموه وجئتموني». قال جابر: «ليستثبت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - منه، فأما ترك حدٍّ فلا» (١).

قلت: والأوَّل أرجح.

٢ - الشبهة، فلا يجب الحد بالتُّهم ولا بالظن (٢):

اتفق الفقهاء - خلافًا لابن حزم وأصحابه - على أنَّ الحدود تُدرأ بالشبهات، والشبهة: ما يشبه الثابت وليس بثابت، سواء كانت في الفاعل: كمن وطىء امرأة ظنَّها خليلته، أو في المحل: بأن يكون للواطىء فيها ملك أو شبهة

ملك كالأمة المشتركة، أو في الطريق: بأن يكون حرامًا عند قوم، حلالًا عند غيرهم، والأصل في هذا:

١ - حديث ابن عباس: «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لاعن بين العجلاني وامرأته» فقال شداد بن الهاد: هي المرأة التي قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لو كنت راجمًا أحدًا بغير بينة لرجمتها» قال: لا، تلك امرأة أعلنت (٣).

٢ - ما يُروى مرفوعًا: «ادرءوا الحدود بالشبهات» (٤).

٣ - وما يُروى عن عائشة مرفوعًا: «ادرءوا الحدود عن المسلمين ما استطعتم، فإن كان له مخرج فخلوا سبيله، فإن الإمام أن يخطئ في العفو خير من أن يخطئ في العقوبة» (٥) وهما ضعيفان، وفي الباب عن أبي هريرة وغيره وفيه ضعف، لكن الأمة تلَّقت معنى هذه الأحاديث بالقبول.

٤ - وعن ابن مسعود قال: «ادرءوا الجلد عن المسلمين ما استطعتم» (٦).


(١) إسناده حسن: أخرجه أبو داود (٤٤٢٠).
(٢) «ابن عابدين» (٣/ ١٤٩)، و «القوانين» (٣٤٧)، و «الروضة» (١٠/ ٩٢)، و «كشاف القناع» (٦/ ٩٦)، و «المحلى» (١١/ ١٥٣)، و «الأشباه والنظائر» للسيوطي (١٢٢).
(٣) صحيح: أخرجه مسلم (١٤٩٧)، وابن ماجة (٢٥٥٩، ٢٥٦٠).
(٤) ضعيف: وانظر «إرواء الغليل» (٢٣١٦).
(٥) ضعيف: أخرجه الترمذي (١٤٢٤)، والدارقطني (٣/ ٨٤)، والبيهقي (٨/ ٢٣٨)، وانظر «الإرواء» (٢٣٥٥).
(٦) إسناده حسن: أخرجه ابن أبي شيبة (٥/ ٥١١)، والبيهقي (٨/ ٢٣٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>