للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

٥ - قال ابن قدامة: وهو إجماع الصحابة - رضي الله عنهم - (!!) والظاهر أن مراده الإجماع السكوتي.

٦ - انه قد ثبت تأخير الحدِّ لمصلحة المحدود (كالحامل والمرضع) فتأخيره لما فيه مصلحة المسلمين وحاجتهم إليه أولى. قلت: وهذا الأخير أظهر والله أعلم.

لا تُقام الحدود في المساجد (١):

اتفق الفقهاء على أنه تحرم إقامة الحدود في المساجد، لحديث حكيم بن حزام - رضي الله عنه -: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن إقامة الحد في المساجد» (٢) وعن طارق بن شهاب قال: أُتي عمر برجل في شيء فقال: «أخرجاه من المسجد واضرباه» (٣).

ولأن تعظيم المسجد واجب، وفي إقامة الحدود فيه ترك تعظيمه.

ولا خلاف في إقامتها في الحرم على من ارتكب موجب الحد فيه، أما من ارتكبه خارج الحرم ولجأ إليه، فقد اختلف الفقهاء: فذهب الجمهور إلى أنه لا يُستوفى فيه حدٌّ لقوله تعالى: {ومن دخله كان آمنًا} (٤).

ولحديث أبي شريح أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يسفك بها دمًا» (٥) يريد: مكة.

قالوا: يُقاطع ويضيَّق عليه حتى يخرج فيستوفى منه الحد.

وذهب المالكية والشافعية إلى أنه تستوفى الحدود في الحرم، لحديث أنس: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - دخل مكة وعلى رأسه مغفر، فلما نزع المغفر، جاءه رجل فقال: ابن خطيل متعلِّق بأستار الكعبة، فقال: «اقتلوه» (٦).


(١) «البدائع» (٧/ ٦٠)، و «جواهر الإكليل» (٢/ ٢٢٣)، و «روضة الطالبين» (١٠/ ١٧٣)، و «كشاف القناع» (٦/ ٨٠).
(٢) حسن بشواهده: أخرجه أبو داود (٤٤٩٠)، وأحمد (٣/ ٤٣٤)، والحاكم (٤/ ٣٧٨)، والبيهقي (٨/ ٣٢٨)، وانظر «الإرواء» (٢٣٢٧).
(٣) صحيح: أخرجه عبد الرزاق في «المصنف» (١٠/ ٢٣).
(٤) سورة آل عمران: ٩٧.
(٥) صحيح: أخرجه البخاري (١٠٤)، ومسلم (١٣٥٤).
(٦) صحيح: أخرجه البخاري (١٨٤٦)، ومسلم (١٣٥٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>