للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يكون المنهي عنه مفسدة في نفسه والثاني: ما يكون وسيلة إلى مفسدة، فصار سد الذرائع المفضية إلى الحرام أحد أرباع الدين).

وفي خضم هذا المبحث ذكر ضروبًا ووجهًا مما ورد في الكتاب والسنة من سد الذرائع الموصلة إلى فاحشة الزنا، وعرضها بأسلوبه العلمي الأخاذ الخالي من التعقيد والجفاف وبيانها على ما يلي:

١ - نهي النساء عن الضرب بالأرجل:

قال - رحمه الله تعالى -:

قال الله تعالى: {ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن}. فمنعهن من الضرب بالأرجل، وإن كان جائزًا في نفسه لئلا يكون سببًا إلى سمع الرجال صوت الخلخال، فيثير ذلك دواعي الشهوة منهم إليهن).

وهذا المنهي عنه - من وسائل الإغراء والإشارة - هو نهي تحريم كما فهمه ابن القيم وهو محال اتفاق عن علماء التفسير.

وابن القيم في مقام دلالة النص على قاعدة سد الذرائع، وإلا فإن الآية تفيد أيضًا النهي عن كلّ حركة من شأنها أن تثير الغريزة وتلهب داعي الشهوة، وفي ذلك المرأة في الجاهلية إذا كانت تمشي في الطريق وفي رجلها خلخال صامت لا يعلم صوتها ضربت برجلها الأرض فيسمع الرجال طنينه، فنهى الله المؤمنات عن مثل ذلك، وكذلك إذا كان شيء من زينتها مستورًا فتحركت بحركة لتظهر ما هو خفي دخل في هذا النهي لقوله تعالى: {ولا يضربن بأرجلهن} (١) إلى آخره).

٢ - وهذا الأمر بغض البصر:

وهذا أمر مطلوب من الجنسين الرجال والنساء لقوله تعالى: {قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن} (٢) الآية.

وابن القيم - رحمه الله تعالى - قد أبدى في هذه الذريعة عجبًا فأبدى كلامًا يزغ الأبصار الخائنة، والأعين الفاجرة عن غوايتها إن كان لديها بقية من إيمان


(١) سورة النور: ٣١.
(٢) سورة النور: ٣٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>