للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢ - فإن جحدت المرأة وأنكرت: سقط الحدُّ عنها، واختلف العلماء فيما على الزاني المقرِّ على ثلاثة أقوال (١):

الأول: يُحدُّ حدَّ الزنا: وهو مذهب مالك والشافعي، لحديث سهل بن سعد: أن رجلًا جاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: إنه قد زنى بامرأة سمَّاها، فأرسل النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى المرأة فدعاها، فسألها فأنكرت، فحدَّه وتركها» (٢) يعني: حدَّه حدَّ الزنا الذي أقرَّ به على نفسه.

الثاني: يُحدُّ حدّ القذف - لا الزنا -: وهو مذهب الأوزاعي وأبي حنيفة، لأن إنكارها شبهة (!!)، واعتُرض بأن إنكارها لا يُبطل إقراره.

الثالث: يُحدُّ للزنا وللقذف، وهو مذهب محمد بن الحسن، ويُروى عن الشافعي، وحجتهم حديث ابن عباس: «أن رجلًا من بكر بن ليث أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فأقرَّ أنه زنى بامرأة، أربع مرات، فجلده مائة - وكان بكرًا - ثم سأله البينة على المرأة، فقالت: كذب يا رسول الله، فجلده حدَّ الفرية ثمانين» (٣) وهو حديث منكر.

قلت: أما القول الثاني فضعيف، والأظهر أنه يُحدُّ حدَّ الزنا فقط لصحة دليله، ولأنه ليس فيه أنه أقام عليه حدين، فإن قيل: الأصل أن يُحدَّ عن كلٍّ من المُوجبين وإن لم يصحَّ الحديث، قلت: نعم، لكنَّ إنكار المرأة شبهة تسقط حدَّ القذف، وأما حدُّ الزنا فهو ثابت بإقراره، والله أعلم.

(٢) ثبوت الحمل لمن لا زوج لها:

المرأة إذا كانت لا زوج لها ولا سيد، ثم وُجدت حاملًا، فاختلف أهل العلم في اعتبار الحمل قرينة تُحدُّ بها المرأة، على قولين (٤):

الأول: تُحدُّ الحبلى التي لا زوج لها ولا سيد، ولم تَدَّعِ شبهة في الحمل: وهو مذهب مالك وإحدى الروايتين عن أحمد، واختيار شيخ الإسلام وتلميذه ابن القيم، واحتجوا بما يلي:

١ - حديث بصرة بن أكثم الأنصاري، قال: «تزوجتُ امرأة بكرًا في سترها،


(١) «زاد المعاد» (٥/ ٤٢)، و «نيل الأوطار».
(٢) صحيح: أخرجه أبو داود (٤٤٦٦، ٤٤٣٧)، وأحمد (٢٢٣٦٨).
(٣) منكر: أخرجه أبو داود (٤٤٦٧).
(٤) «ابن عابدين» (٤/ ٧)، و «أسهل المدارك» (٣/ ١٧٠)، و «الروضة» (١٠/ ٩٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>